استمع إلى الملخص
- البنوك المركزية تزيد مشترياتها من الذهب في ظل عدم اليقين السياسي والحروب، مما يعكس تراجع الاعتماد على الدولار وتحول في السياسات النقدية العالمية.
- أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا ملحوظًا مع توقعات بوصولها إلى 3000 دولار، وسط قلق من ارتفاع أسعار النفط وتأثيره على الاقتصاد الأمريكي والتضخم العالمي.
قال محللون إن توتر العلاقات بين بكين وواشنطن تدفع الصين نحو التخلص التدريجي من الدولار الأميركي وتسلط الضوء على محركات السوق العالمية، التي قد ترفع الطلب على الذهب بشكل جنوني يجعل الأسعار خارج نطاق التوقعات. ولدى الصين احتياطيات دولارية تقدر بأكثر من 3 تريليونات دولار. كما أن دول منظومة بريكس تدرس عملة بديلة للدولار، إلى جانب أن الدول التي تعاني من العقوبات الأميركية تتجه نحو الابتعاد عن الدولار والتحوط بالذهب واستخدامه في التسويات التجارية للتخلص من الضغوط الأميركية.
وتضاف إلى هذه العوامل حالة عدم اليقين السياسي التي يعيشها العالم في الوقت الراهن وسط التغييرات السياسية التي تجتاح العالم والحروب المشتعلة. كما من المقرر أن يتوجه الناخبون في أكثر من 60 دولة إلى صناديق الاقتراع هذا العام، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية الأميركية. ويخلص تحليل في موقع زيرو هيدج الأميركي إلى أن المتغيرات الكبيرة والسريعة تدفع البنوك المركزية نحو زيادة مشترياتها من الذهب. ويرى "زيرو هيدج" أن المشتريات المحمومة من قبل البنوك المركزية للذهب تعد علامة على تراجع الاعتماد على الدولار، وفقًا لما ذكره أولف ليندال، الرئيس التنفيذي لشركة Curency Research Associates الأميركية في تعليقات للموقع نفسه.
وفي هذا الإطار، قال ليندال، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن الدولار أصبح غير جذاب على نحو متزايد بالنسبة للبنوك المركزية التي ترغب في تقليل الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة. وتوقع ليندال أن تعمل الدول غير المتحالفة مع الولايات المتحدة على تملك الذهب لتقليل التعرض للعقوبات، وفقًا لمذكرة بحثية صادرة عن بنك "جي بي مورغان" في شهر مارس/آذار الماضي. وبحسب مذكرة "جي بي مورغان"، فقد أدت مشتريات البنوك المركزية إلى ارتفاع أسعار الذهب منذ العام 2022. ويتوقع محللون أن تصل 3000 دولار خلال العام الجاري. ولا يستبعد المصرف الأميركي نفسه أن يدخل الذهب حقبة قوية خلال العام الجاري وما تبقى من العقد الحالي. وكانت مشتريات البنوك المركزية من الذهب في عام 2022 أكثر من ضعف متوسط الشراء السنوي خلال العقد السابق، وفقا لـ"جي بي مورغان".
ويأتي ارتفاع الأسعار وسط زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى الصين لمناقشة الاستقرار المالي في العلاقات الأميركية الصينية، بما في ذلك ما وصفته يلين بالإفراط في إنتاج السيارات الكهربائية الصينية. كما أن أسعار النفط آخذة في الارتفاع، ما يشكل تهديداً للاقتصاد الأميركي، وفقا لمارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة موديز. وهناك أيضاً قلق من أن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة على الإيفاء بخدمات الديون السيادية التي ارتفعت إلى 32 تريليون دولار. ومن المرجح أيضاً أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى إثارة المخاوف بشأن التضخم، ما يعزز أسعار الذهب، وفقاً لمذكرة بحثية من بنك "يو بي إس" السويسري.
ويشير ارتفاع أسعار الذهب إلى أن المستثمرين يتوقعون تخفيضات في أسعار الفائدة من بنك الاحتياط الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام، لكنهم قد يكونون غير متأكدين بشأن احتمالات القضاء على التضخم من دون دفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود. ويرى بنك "يو بي إس" أن توقعات تخفيض أسعار الفائدة من بنك الاحتياط الفيدرالي "لا تزال المحرك الرئيسي للمعنويات الصعودية تجاه الذهب"، وفقًا لمذكرة بحثية صدرت يوم 9 إبريل/نيسان الماضي. وفي هذا الإطار، قال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي جيروم باول، في 3 إبريل/نيسان الماضي، إن التضخم لا يزال على "مسار وعر في بعض الأحيان" نحو تحقيق الهدف المحدد بـ2%، غير أنه لم يستبعد أن تبدأ تخفيضات أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام لإعادة التوازن إلى الاقتصاد.
ويتوقع 51% من المستثمرين حاليًا خفضًا بمقدار ربع نقطة مئوية في يونيو/حزيران الجاري، وفقًا لبيانات مجموعة CME. ومع ذلك، تجاوزت بيانات نمو الوظائف لشهر مارس/آذار الماضي التوقعات، ما يثير التساؤلات حول الحاجة إلى تخفيضات متعددة في أسعار الفائدة وسط اقتصاد لا يزال قوياً، خصوصا أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي واصل الارتفاع، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياط الفيدرالي، بنسبة 2.5% خلال الأشهر الـ12 المنتهية في فبراير/ شباط الماضي. وهذا يمثل زيادة طفيفة عن الزيادة البالغة 2.4% في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وفقًا لبيانات وزارة التجارة الصادرة في إبريل/نيسان الماضي.
ويشتري بعض المستثمرين سبائك الذهب مع ارتفاع الأسعار، ما يزيد الأسعار ارتفاعاً. وفي هذا السياق، بدأت كوستكو بيع سبائك الذهب عبر الإنترنت في أغسطس/آب والعملات الفضية في يناير/كانون الثاني الماضي. وربما تبيع الشركة الآن ما يصل إلى 200 مليون دولار من الذهب والفضة كل شهر، وفقًا لتقديرات Wells Fargo. إذ قال المدير المالي لمصرف "ويلز فارغو" ريتشارد جالانتي للمحللين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن الشركة باعت أكثر من 100 مليون دولار من سبائك الذهب في الربع السابق.