أسعار الدواجن تباغت الجزائريين... وتدخل حكومي لضبط الأسواق

13 اغسطس 2024
الدجاج يحظى بإقبال جزائري طوال العام، 12 يناير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء في الجزائر**: شهدت الجزائر زيادة مفاجئة في أسعار اللحوم البيضاء، حيث وصل سعر الكيلوغرام إلى 500 دينار بسبب زيادة الطلب في أغسطس، ركود الطلب في يونيو، نقص اليد العاملة خلال عيد الأضحى، وموجات الحرارة الشديدة.

- **إجراءات حكومية لضبط الأسعار**: استجابةً للارتفاع، اتخذت الحكومة إجراءات عاجلة، منها ضخ مخزون اللحوم وطرح كميات بسعر 295 ديناراً للكيلوغرام للحفاظ على القدرة الشرائية.

- **حملات مقاطعة شعبية ودوافع حكومية**: انتشرت دعوات لمقاطعة شراء الدواجن، بينما تسعى الحكومة لمعالجة الأسعار لأسباب اجتماعية وسياسية، منها الانتخابات الرئاسية المقبلة وخفض نسبة التضخم.

قفزت أسعار اللحوم البيضاء (الدجاج والديك الرومي) في الجزائر ‏إلى مستويات قياسية بشكل مفاجئ، بعد أشهر من استقرار السوق، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ ‏حزمة إجراءات عاجلة على أمل احتواء الوضع، الذي وصفته بغير المبرر.

وبحسب ما رصدته "العربي الجديد" في جولة بعدة أحياء من الضاحية الشرقية للجزائر العاصمة على غرار باب الزوار، فقد بلغ سعر كيلوغرام الدواجن لدى تجار التجزئة 500 دينار (3.73 دولارات). وفي منطقة الدار البيضاء القريبة من مطار الجزائر العاصمة، بلغ سعر الكيلوغرام 520 ديناراً للكيلوغرام (3.88 دولارات).

وما أثار التساؤلات والحيرة وسط المواطنين، هو أن أسعار الدواجن كانت إلى وقت قريب في المتناول ومرت السوق بفترة استقرار دامت لنحو ثلاثة أشهر. لكن الارتفاع هذه المرة كما لوحظ، كان مفاجئاً وسريعاً جداً، حيث أن الأسعار كانت قبل نحو عشرة أيام فقط تتراوح عموماً بين 350 إلى 400 دينار للكيلوغرام (2.61-2.98 دولار) لدى تجار التجزئة، وذلك بعد مرحلة استقرار استمرت منذ نحو ثلاثة أشهر.

ويشهد استهلاك الدواجن في الجزائر إقبالاً كبيراً في السنوات الأخيرة، في ظل ارتفاع وصف بـ"الفاحش" في أسعار اللحوم الحمراء المحلية (الأغنام والأبقار)، لجأت الحكومة على إثرها إلى عمليات استيراد متكررة من الخارج من العديد من الدول على غرار البرازيل والهند وأيرلندا وبشكل محدود إسبانيا. واعتبرت الجمعية المهنية الجزائرية لمربي الدواجن أن السوق يشهد كل سنة ارتفاعاً في الأسعار عند حلول شهر أغسطس/آب، الذي يتميز عادة بارتفاع الطلب مدفوعاً بموسم الاصطياف (العطلة الصيفية) والأعراس (حفلات الزواج).

وأفاد حمزة شريف، وهو نائب رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية لمربي الدواجن في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن من الأسباب أيضا انكماش وركود الطلب في شهر يونيو/حزيران الماضي، ما انعكس على الأسعار التي سجلت تراجعاً لافتاً، ما خلف بحسبه خسائر كبيرة لدى المربين وكان بمثابة الصدمة.

وأضاف أن "هذا الأمر أدى إلى عزوف جل المربين بسب الخسائر وتزامن ذلك مع أيام عيد الأضحى المبارك مع نقص في اليد العاملة لنحو 15 يوماً". وعزا المتحدث عزوف المربين أيضاً إلى التخوف من موجات الحرارة الشديدة في يوليو/تموز، ما أدى إلى نقص في تربية الدواجن، والتي كانت من المفروض أن تصبح جاهزة للاستهلاك في هذه الأيام.

وأشار إلى أن نحو 50% من المربين جازفوا وحافظوا على نشاطهم لتربية الدواجن لكن موجة الحر أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الدجاج ما أدى على نقص في الإنتاج المعروض في السوق بنحو 30%.

واعتبر حمزة شريف أن هذا الارتفاع في أسعار الدواجن ظرفي فقط، مؤكداً أنه اعتباراً من هذا الأسبوع سنشهد عودة الأسعار لمستوياتها المعهودة، خاصة بعد تدخل وزارة الفلاحة بضخ كمية من مخزون الدجاج، بالإضافة إلى الدواجن المجمدة المستوردة من الخارج. وأضاف أن "الكميات التي ستطرح ستؤثر كثيراً على قاعدة العرض والطلب وستؤدي إلى استقرار الأسعار بشكل ملحوظ فضلاً عن دخول إنتاج المربين المحليين الكبار اعتباراً من الأسبوع المقبل".

إجراءات لضبط الأسعار وحملات مقاطعة شعبية

وسارعت الحكومة الجزائرية إلى إعلان إجراءات بهدف احتواء الوضع وكبح جماح أسعار الدواجن التي التهبت في غضون أيام قليلة، بعد اجتماع ضم مسؤولين في وزارتي الفلاحة والتنمية الريفية والتجارة وترقية الصادرات. وأعلنت وزارة الفلاحة في بيان صادر في الرابع من أغسطس/آب الجاري عن ضخ كميات معتبرة من مخزون اللحوم البيضاء (الدواجن) الموجودة في الشركة الجزائرية لضبط المنتجات الفلاحية (شركة حكومية)، والديوان العمومي لتغذية الأنعام (حكومي أيضاً).

وشدد بيان الوزارة على أن هذه الإجراءات تهدف إلى "ضبط السوق الوطنية"، إضافة إلى "ضمان استقرار أسعار اللحوم البيضاء ومحاربة المضاربة والحد من الارتفاع غير المبرر للأسعار، وللحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين. ودعت الحكومة تجار اللحوم البيضاء (الدواجن) سواء بالجملة أو التجزئة، إلى الحصول على الكميات المطلوبة من مخازن الشركتين في العاصمة والولايات المختلفة بأسعار تنافسية.

كما أعلنت وزارتا التجارة والزراعة في بيان في الثامن من أغسطس/آب بدء طرح كميات كبيرة من اللحوم البيضاء، بسعر 295 ديناراً للكيلوغرام الواحد، أي ما يعادل دولاراً ونصف دولار، بهدف المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين. وأكد البيان أن هذه الخطوة تأتي "في إطار سلسلة من الإجراءات المسطرة من الحكومة الجزائرية التي تهدف إلى تنظيم السوق وضبط الأسعار، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب بما يخدم مصلحة المستهلكين".

وذكر مصدر مسؤول في وزارة الفلاحة لـ"العربي الجديد" أن كميات من الدواجن المجمدة استوردت سابقاً من البرازيل، في حين أن الكميات المتبقية عبارة عن إنتاج محلي جرى تخزينه تحسباً لهذه الظروف. في غضون ذلك انتشرت دعوات على نطاق واسع عبر المنصات الاجتماعية لمقاطعة شراء الدواجن إلى غاية تراجع أسعارها. فعلى منصة فيسيوك جرت مشاركة منشور لقي رواجاً كبيراً دعا إلى مقاطعة شراء الدجاج ليومين متتاليين الأربعاء والخميس الماضيين. ومن المنشورات التي غصت بها المنصات تلك التي تضمنت عبارة "خليه يفوح" باللهجة المحلية الجزائرية، ومعناها دع الدجاج يتعفن وتصبح رائحته نتنة.

ويعتقد مراقبون أن دوافع الحكومة الجزائرية للإسراع في معالجة اختلال أسعار اللحوم البيضاء والقهوة، إضافة الى كونها ترتبط باستحقاقات اجتماعية تحاول من خلالها السلطة توظيف المقدرات المالية المتوافرة لصالح ضمان السلم الاجتماعي، فإنها ترتبط أيضاً بقرب استحقاق سياسي هام، وهو الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، التي تبدأ حملتها في الرابع عشر من أغسطس/آب الجاري، حيث يبقى التخوف من العزوف الانتخابي قائماً بالنسبة إلى السلطة.

وتستهدف الحكومة خفض نسبة التضخم التي تتراوح حالياً ما بين 7% و8% إلى 4%، وفق ما قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام نهاية مارس/آذار الماضي، فضلاً عن الحفاظ على نسبة النمو الاقتصادي عند مستوى 4.2% الذي تحقق العام الماضي، واستهداف ناتج محلي في نهاية 2026 بقيمة 400 مليار دولار.

وفي مارس/آذار الماضي، قال صندوق النقد الدولي إن النظرة المستقبلية للجزائر إيجابية في الأجل القريب عموماً، لكن التضخم لا يزال مصدراً للقلق. ولفت الصندوق إلى أن التقديرات تشير إلى نمو الاقتصاد الجزائري 4.2% في عام 2023 بفضل انتعاش إنتاج الهيدروكربونات (النفط والغاز) والأداء القوي في قطاعات الصناعة والبناء والخدمات. وتوقع أن يظل النمو الحقيقي للدولة قوياً في العام الحالي، عند مستوى 3.8%، مدعوماً بأسباب منها الإنفاق المالي الكبير.