أغلقت العديد من محطات البنزين في المملكة المتحدة بشكل مؤقت صدم الكثير من المواطنين، الذين هرعوا إلى المحطات لتعبئة الوقود، وهو ما تسبب بطوابير طويلة، حيث تجاوزت فترة الانتظار الساعة.
وحذّرت كل من شركة "بريتيش بتروليوم" و"إسو" من نقص البنزين والديزل في بعض محطاتها، مشيرة إلى أنّ سبب ذلك هو النقص في سائقي الشاحنات.
ولا تعاني المملكة المتحدة من نقص في البنزين أو الديزل، لكن النقص في محطات الوقود ناتج عن مشاكل في نقل الوقود من محطات التوزيع إلى الباحات الأمامية. ويكمن السبب الرئيس في مشاكل نقل الوقود إلى المحطات في النقص المستمر لسائقي الشاحنات الثقيلة.
أمّا وزير النقل غرانت شابس، فاتّهم الأحد ممثلي قطاع الشحن البري بالمساهمة في ازدياد التهافت على شراء البنزين، مدافعا عن تعديل سياسة الهجرة لمرحلة ما بعد بريكست بهدف تخفيف النقص الحاصل في إمدادات المحروقات.
ونفى الوزير أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو الجاني في نقص سائقي الشاحنات في المملكة المتحدة، بحجة أن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي ساعد الحكومة على التصرف.
وتأتي تصريحات غرانت شابس بعد ساعات على إعلان الحكومة أنها تعتزم منح ما يصل إلى 10500 تأشيرة عمل قصيرة الأمد لسائقي شاحنات ولعاملين في قطاع الدواجن لتخفيف نقص في اليد العاملة طاول عددا من القطاعات.
واعتبر الوزير أن تسريب جمعية للشحن البري معلومات إلى وسائل الإعلام حول نقص محتمل في إمدادات الوقود ساهم في ازدياد التهافت على شراء المحروقات.
ولفت الوزير بحديث لشبكة "سكاي نيوز" الإخبارية إلى أنه "صدرت تصريحات اتّسمت بكثير من اللامسؤولية عن إحدى جمعيات الشحن البري ساهمت في وقوع أزمة، وهذا الأمر غير مفيد".
واتّهم شابس الذي شدد على عدم وجود نقص فعلي في الوقود في مصافي المملكة المتحدة ومنشآت التخزين، قطاع الشحن البري بأنه "مستميت" لتوظيف سائقين أوروبيين و"تقويض رواتب البريطانيين"، وأضاف: "أعلم أن هذا كان مطلبهم منذ البداية".
لكن ممثل جمعية الشحن البري رود ماكنزي الذي يُعتقد أنه سرّب المعلومة يصف هذه الاتّهامات بأنها "هراء". ويشدد على وجوب أن تتّبع الحكومة نهجا "شموليا" لمعالجة المشاكل التي يواجهها القطاع.
ويمثل قرار منح تأشيرات عمل موقتة تحولا في موقف رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي شددت حكومته قوانين الهجرة في مرحلة ما بعد بريكست، وأكدت مرارا أن اعتماد بريطانيا على العمالة الأجنبية يجب أن يتوقف.
على مدى أشهر، حاولت الحكومة تجنب الوصول إلى هذا الوضع، على الرغم من التحذيرات من العديد من القطاعات الاقتصادية والنقص المقدّر بمئة الف سائق شاحنة.
وتعرّض جونسون لضغوط متزايدة من أجل التحرك، بعدما تضافرت تداعيات الجائحة وبريكست لتُفاقم أزمة نقص عدد السائقين، إضافة إلى أزمات أخرى منها ارتفاع أسعار الطاقة.
من جهتها، تدعو شركة "بريتيش بتروليوم" الحكومة إلى المساعدة في معالجة النقص في السائقين من خلال تسهيل تعيين سائقي الشاحنات الثقيلة مؤقتًا من الخارج.
وتقول الشركة إنها تأمل في استقرار مخزونات الوقود في المحطات الأمامية والبدء في إعادة البناء في وقت ما في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ولا تستخدم شركة "BP" سائقي شاحنات مباشرة، بل تستعين بمصادر خارجية لعمليات التسليم مثل "هوير بترولوج المملكة المتحدة"، وهي شركة نقل مستقلة.
وتدرس الحكومة إجراءات مؤقتة لمعالجة النقص، لكن مكتب رئيس الوزراء أصرّ، ليلة الجمعة، على أن أي إجراءات يتم تقديمها ستكون "محدودة للغاية بوقت محدد".
ويأتي ذلك وسط تقارير تفيد بأن بوريس جونسون، رئيس الحكومة، سمح للوزراء بتخفيف قواعد الهجرة في المملكة المتحدة للسماح لمزيد من السائقين الأجانب بدخول البلاد.
وبحسب ما ورد، تستعد الحكومة لمنح نحو 10500 تأشيرة دخول مؤقتة للعمال الأجانب للمساعدة في تخفيف النقص في سائقي الشاحنات الثقيلة وأزمة الوقود.
في المقابل، اتهمت "جمعية النقل البري" ( Road Haulage Group) الحكومة بارتكاب "هجوم مشين" بعد أن اتهمتها الأخيرة بإثارة الذعر في الشراء في محطات الوقود.
وزعم شابس أن أزمة الوقود هي "حالة مصطنعة" نتجت عن تسريب أخبار لوسائل الإعلام من قبل "جمعية النقل البري" في اجتماع أثارت فيه شركة "BP" مخاوف بشأن مشاكل الإمداد. بيد أنّ "جمعية النقل البري" نفت هذه المزاعم، وادّعت أن الوزراء كانوا يحاولون صرف الانتباه عن تعاملهم مع النقص في سائقي الشاحنات الثقيلة.
لكن يبدو أنّ سائقي الشاحنات مستاؤون من شركة الخدمات اللوجستية "هوير بترولوج المملكة المتحدة" التي تعاقدت معها شركة "بريتيش بتروليوم"، لذلك ألقوا اللوم عليها، وقالوا إن الأجور الضعيفة وساعات العمل الطويلة وعدم وجود رواتب مرضية أو مزايا الإجازات هي الأسباب وراء مغادرة العديد من السائقين الساخطين.
ووصفها أحد السائقين (51 عاماً) بأنها "أسوأ شركة في العالم". وسلم استقالته في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن عمل مع "هوير" لأكثر من أربع سنوات. وقال: "نحن نحب وظيفتنا، ولكن يتم التعامل معنا بطريقة مهينة ومذلة للغاية، ولهذا السبب يغادر السائقون، ولهذا السبب يوجد نقص".
على صعيد آخر، انتقدت مجموعات الأعمال خطة الحكومة لتقديم تأشيرات مؤقتة لـ5000 سائق شاحنة أجنبي و5500 عامل دواجن، ووصفتها بأنها "قليلة جدًا ومتأخرة للغاية"، وشبّهتها بمن يلقي "كشتبان من الماء على النار".
كما حذر تجار التجزئة، يوم الجمعة، الحكومة ولفتوا إلى أنّ أمامها 10 أيام فقط لإنقاذ عيد الميلاد من الاضطرابات الكبيرة بسبب النقص في حوالي 100000 سائق للشاحنات الثقيلة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
ولا يزال سائقو السيارات يسعون للعثور على الوقود اليوم الأحد، حيث يكافح الموردون لمواكبة الطلب المتزايد.
وأبلغ بعض عمال الإسعاف ومقدمي الرعاية عن صعوبات في العثور على الوقود خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسط تحذيرات من أن الوضع "سوف يزداد سوءًا قبل أن يتحسن".