دخلت أزمة الكهرباء في اليمن مرحلة حرجة للغاية بعد تفاقمها ما يهدّد بانهيار شامل للقطاع، مع تراجع كبير للمعروض من مادة الديزل المشغل للمحطات الكهربائية، فضلًا عن عدم فاعلية الخطط الحكومية المبنية على منحة المشتقات النفطية السعودية التي يدور جدل واسع حولها بعد تقديم الدفعة الثالثة منها.
ويشهد اليمن منذ مطلع الشهر الجاري فبراير/ شباط، أكبر أزمة في الطاقة الكهربائية مع ارتفاع تكاليفها بالتزامن مع تجدد اضطراب الأسواق التجارية وغلاء قياسي متواصل في أسعار السلع الغذائية، الأمر الذي ينذر بمزيد من التدهور الكارثي في الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يرزح تحت وطأتها اليمنيون منذ أكثر من سبع سنوات.
وتتجه الحكومة اليمنية إلى تنفيذ قرار يمنع أي تعاقدات أو شراء محطات توليد أو طاقة جديدة تعمل بوقود الديزل في اليمن، في إطار خططها القادمة لمواجهة أزمة الطاقة الكهربائية ومعالجة أوضاع التدهور المتواصل، إضافة إلى اعتماد مناقصات وعقود توليد الطاقة الجديدة التي تعمل بوقود المازوت أو الغاز أو الفحم أو مصادر الطاقة المتجددة.
وقال مصدر حكومي، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن المعالجات تهدف إلى الحد من تضخم فاتورة استيراد الوقود، بالتوازي مع صيانة وإصلاح محطات الطاقة الكهربائية الحكومية واستغلال المحطة الجديدة التي تم الانتهاء منها مطلع العام وإدخالها في منظومة العمل خلال الفترة القصيرة القادمة.
وبات كثير من مهن وأعمال وحرف اليمنيين بسبب تدهور الكهرباء مهددا بالتوقف والإفلاس بعد أن أصبح كثير منها غير قادر على التعامل مع أزمة الكهرباء مع تسارع تدهور الخدمة المقدمة وارتفاع أسعارها بشكل كبير منذ بداية العام الجاري.
ويؤكد مالك أحد المخابز الآلية العاملة بالكهرباء في صنعاء، علي الغنامي، لـ"العربي الجديد"، أن أزمة الكهرباء لم تعد مقتصرة على مناطق معينة كما كان الحال خلال الأعوام القليلة الماضية، بل أصبحت تشمل جميع المناطق والمحافظات اليمنية، إذ زادت فاتورة الكهرباء المستهلكة في مثل هذه الأفران والمخابز الآلية بنسبة 100% منذ بداية الشهر الحالي.
كما أصبحت، تشكل عبئا كبيرا يهدد إنتاجية هذه الأفران التي عملت على تغطية جزء كبير من احتياجات الأسواق المحلية من رغيف الروتي (نوع محلي من الخبز)، في ظل تأثر الأفران والمخابز الأخرى العاملة بالديزل بسبب أزمات الوقود المتلاحقة، وفق حديث الغنامي.
بدوره، يشير عضو جمعية الصناعيين اليمنيين، فهمي بشير، بحديثه لـ"العربي الجديد"، إلى تأثر القطاع الصناعي بشكل كبير بسبب أزمة الكهرباء وأزمات الوقود، وبات في وضع حرج مع ارتفاع تكاليف وفواتير تشغيل الآلات وتوفير مختلف متطلبات الإنتاج.
بات كثير من مهن وأعمال وحرف اليمنيين بسبب تدهور الكهرباء مهددا بالتوقف والإفلاس بعد أن أصبح كثير منها غير قادر على التعامل مع أزمة الكهرباء مع تسارع تدهور الخدمة
ويرى خبراء أن اختلال منظومة العمل الحكومية وتردي المؤسسات العامة شكلا عائقا أمام تحسين أهم الخدمات العامة مثل الكهرباء في مناطق تعتمد عليها بصورة رئيسية، وهو ما جعلها محل سجال وتجاذبات متواصلة بين السلطات المحلية في المحافظات والحكومة المعترف بها دوليًا.
الخبير الهندسي في مجال الكهرباء، هارون الشميري، يقول لـ"العربي الجديد"، إن الحلول الترقيعية فاقمت من تدهور قطاع الكهرباء وسرعت عملية انهياره مع تقادم محطات الكهرباء الحكومية.
والحل من وجهة نظره العمل على إعادة المحطة الغازية في مأرب للعمل وإفساح المجال لاستثمارات القطاع الخاص في الكهرباء. وتعاني 50% من محطات توليد الكهرباء في اليمن من أضرار جزئية، فيما نحو 8% مدمرة كليًا، حسب تقارير رسمية.