أزمة سكن في ليبيا... ومواطنون يقتحمون عقارات قيد الإنشاء

19 ديسمبر 2022
قلة المعروض من الوحدات السكنية سبّب ارتفاعاً كبيراً في الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -

الحصول على شقة سكنية حلم يراود الكثير من الليبيين، في ظل أزمة سكن تعمقت على مدار الـ12 عاماً الأخيرة، بفعل الصراعات السياسية والمسلحة التي شهدتها البلاد وتوقف معظم المشاريع، فيما تظهر البيانات الرسمية أن العجز السنوي في الوحدات السكنية بلغ بالأساس نحو نصف مليون وحدة في عام 2010.

وسبّب نقص المعروض من الوحدات ارتفاع الأسعار، ولا سيما في العاصمة طرابلس، إذ يراوح سعر الشقق السكنية فيها بين 230 ألف دينار (حوالى 47.4 ألف دولار) إلى مليون دينار (206 آلاف دولار)، بينما الحد الأدنى للأجور يبلغ ألف دينار.

ودفعت الأزمة بعض الأسر إلى اقتحام عمارات قيد الإنشاء في مناطق مختلفة من البلاد والإقامة فيها، بالتزامن مع صعود أسعار العقارات، ولا سيما في المناطق التي لم تطاولها الصراعات المسلحة، فيما يؤكد خبراء اقتصاد أن الأزمة متراكمة، ولا حلول إلا باستقرار الأوضاع ومضيّ الحكومة في استكمال المشروعات وإنشاء أخرى لمواجهة الطلب.

يقول بشير البوسيفي الذي يقيم في عمارات النجيلة قيد الإنشاء غربيّ طرابلس لـ"العربي الجديد" إنه لجأ إلى الإقامة في إحدى الشقق بهذه العمارات لعدم قدرته على تدبير احتياجات الإيجار، وبالتالي لا توجد خيارات إلا الإقامة مع مواطنين في عمارات قيد الإنشاء بإجراء صيانة للأبواب والتوافد وتوصيل المياه والكهرباء، مضيفاً أن هذه العمارات مهجورة، والشركة المنفذة غادرت البلاد منذ عام 2011.

وتوقفت معظم الشركات الأجنبية عن العمل في ليبيا منذ اندلاع الثورة، في فبراير/ شباط 2011، وأسهم التوتر القائم بين المسلحين في استمرار توقفها، بعدما سجلت معظمها خسائر فادحة على مدار السنوات الماضية، حيث تشير تقارير رسمية إلى أن نحو 80 شركة عادت إلى العمل في ليبيا بعد حصولها على تعويضات من أصل 800 شركة غادرت.

وكشفت حكومة الوحدة الوطنية عن خطوات لتنفيذ مبادرة الإسكان الشبابي والأسر المحتاجة، تتضمن حصر كل المواقع والمشاريع السكنية التابعة للأجهزة التنفيذية، وتحديد المواقع المقتحمة وغير المقتحمة والعوائق القانونية والمالية أمام استكمال المشروعات.

وقال المحلل الاقتصادي وئام المصراتي لـ"العربي الجديد" إن أزمة السكن متراكمة منذ مطلع عام 2000، وبدأ العجز بالوصول إلى نصف مليون وحدة سكنية في 2010، ومع عدم الاستقرار في البلاد منذ 2011 تضاعف العدد وأصبحت مشكلة مزمنة.

وأضاف المصراتي أن قلة العرض وزيادة الطلب رفعتا الأسعار إلى أضعاف مستويات 2010، فضلاً عن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار واستمرار الاضطرابات السياسية وشراء العقارات من قبل البعض بغية غسل الأموال.

ووعدت حكومة الوحدة الوطنية أخيراً بمنح قروض للشباب بقيمة 150 ألف دينار (حوالى 31 ألف دولار) لشراء شقق سكنية، فضلاً عن منح أراضٍ ومنازل لمعالجة أزمة السكن.

وأكد عبد الرحمن بن عمار، الذي يعمل في مجال التطوير العقاري، أن المشكلة تكمن في أنه لا توجد مخططات واضحة لإنهاء أزمة السكن، ما أدى إلى ظهور البناء العشوائي في العديد من المناطق.

ويتزامن العجز المتراكم في الوحدات السكنية مع دخول مصرف الادخار والاستثمار العقاري في حالة عسر مالي، بينما يمارس نشاطه من رأس ماله وأموال الخزانة العامة وفقاً لتقرير حديث صادر عن ديوان المحاسبة (أعلى جهة رقابية في الدولة).

وقال المحلل المالي محمود سالم، إن عدم قدرة المصرف على منح قروض عقارية للمواطنين سيؤدي حتماً إلى تكدس الطلبات دون القدرة على تلبيتها، مشيراً إلى أن المصرف بحاجة إلى إعادة رفع رأسماله وهيكلته، ولا سيما أن الكثير من القروض العقارية التي مُنحَت لم تُحصَّل خلال السنوات الماضية.

المساهمون