أزمة التجارة العالمية بعد التحول عن البحر الأحمر: ارتباك سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار
تسببت الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية على سفن تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، "تضامنا مع فلسطين"، لا سيما قطاع غزة، في عرقلة التجارة في البحر الأحمر.
وحولت شركات الشحن العالمية الكبرى مسارات سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب قناة السويس، وهو ما سيرفع التكاليف والتأخيرات.
ووسعت سوق التأمين البحري في لندن مساحة المنطقة التي اعتبرتها عالية المخاطر في البحر الأحمر اليوم الثلاثاء، مما رفع أقساط التأمين التي تدفعها السفن.
وقال ألبرت جان سوارت، المحلل لدى "إيه.بي.إن أمرو"، إن "الشركات التي حولت مسار سفنها تسيطر مجتمعة على نحو نصف سوق شحن الحاويات في العالم".
وأضاف سوارت لـ"رويترز" أن "تجنب البحر الأحمر سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة بسبب طول وقت السفر".
ميرسك نحو رأس الرجاء الصالح
وقالت شركة ميرسك الدنماركية، اليوم الثلاثاء، إن سفنها التي توقفت في السابق، وكان من المقرر أن تبحر عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، سيتم تغيير مسارها لتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح بسبب هجمات على السفن في المنطقة.
وذكرت الشركة، في بيان وفقا لوكالة "رويترز"، أنها أوقفت حتى أمس الاثنين نحو 20 سفينة، نصفها ينتظر شرقي خليج عدن والبقية تنتظر جنوبي قناة السويس في البحر الأحمر أو إلى الشمال منها في البحر المتوسط.
واستهدفت سفينة حاويات لميرسك بصاروخ يوم الخميس، لكنه لم يصبها، بينما كانت في طريقها من صلالة في سلطنة عمان إلى مدينة جدة السعودية.
وقالت مجموعة الشحن إن رحلات السفن المستقبلية المقرر لها عبور المنطقة سيتم تقييمها كل على حدة، لتحديد ما إذا كانت التعديلات ضرورية.
وعلقت شركة "ولينيوس فيلهلمسن" اليوم، جميع الرحلات بالبحر الأحمر مع توجيهها نحو طريق رأس الرجاء الصالح بسبب تدهور الوضع الأمني في المنطقة، وحتى إشعار آخر.
وأكدت أن إعادة توجيه السفن ستزيد من زمن الرحلات من أسبوع إلى أسبوعين.
وقالت مجموعة الشحن الفرنسية "سي إم إيه سي جي إم CMA CGM" إنها تغيّر مسار بعض سفنها عبر رأس الرجاء الصالح، في أعقاب الهجمات على السفن التجارية في منطقة البحر الأحمر.
وأضافت المجموعة، التي يوجد مقرها في مرسيليا، في بيان على موقعها على الإنترنت، أن "جميع سفن الحاويات CMA CGM الأخرى في المنطقة، والتي من المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر، قد صدرت لها بالفعل تعليمات بالوصول إلى المناطق الآمنة وإيقاف رحلتها مؤقتًا حتى إشعار آخر".
كما غيرت شركة الأسمدة الأميركية موزاييك، الاثنين، مسار شحنتين من الأسمدة كانتا متجهتين إلى الولايات المتحدة، من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، وسط هجمات الحوثيين على السفن في المنطقة.
وشكلت شركة "إلكترولوكس" السويدية فريق عمل لإيجاد طرق بديلة أو تحديد عمليات التسليم ذات الأولوية في محاولة لتجنب أي عرقلة قد تحدث نتيجة الهجمات في البحر الأحمر.
وقالت إلكترولوكس، وهي أكبر شركة في العالم لتصنيع الأجهزة المنزلية في وقت متأخر من أمس الاثني،ن إنها تدرس هذه الإجراء، لكنها تقدر حاليا أن التأثير على عمليات التسليم سيكون محدودا.
وأجبرت هجمات الحوثيين الشركات كذلك على إعادة التفكير في علاقاتها مع إسرائيل، إذ قالت شركة "إيفر غرين" التايوانية، أمس الاثنين، إنها قررت التوقف مؤقتا عن قبول شحنات إسرائيلية.
وأعلنت شركة الشحن البحري التايوانية "يانغ مينغ" يوم الاثنين، تحويل مسار سفنها المبحرة عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين في ظل تصاعد الهجمات على السفن.
وأضافت في إشعار للعملاء: "بالنسبة لسفننا التي تبحر حاليا أو من المحتمل أن تبحر عبر منطقة بحرية شديدة الخطورة في الأسبوعين المقبلين، فقد تقرر تحويلها فورا إلى رأس الرجاء الصالح أو الانتظار في مكان آمن".
وذكرت شركة "تي إس إم سي" (TSMC) التايوانية، أكبر شركة لتصنيع الرقائق التعاقدية في العالم، الثلاثاء، أنها لا تتوقع أي تأثير كبير على عملياتها من تعطل الشحن في البحر الأحمر.
وقالت الشركة، في بيان عبر البريد الإلكتروني لـ"رويترز"، إنها "تمتلك نظامًا راسخًا لإدارة مخاطر المؤسسات"، وأضافت أنه "بعد التقييم، لا نتوقع حاليًا أي تأثير كبير على عمليات الشركة".
شركات النفط تتجنب البحر الأحمر
وعلقت شركة النفط البريطانية العملاقة "بريتش بتروليوم bp"، الاثنين، مؤقتا جميع عمليات العبور لشحناتها عبر البحر الأحمر.
وقال لارش بارشتا، المدير التنفيذي للشركة، إن "أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب آخذة في الارتفاع بشكل طبيعي، لكن مع إعادة توجيه السفن إلى مسار يمر حول أفريقيا، ستصبح إمدادات الشحن أقل، لأن الشحنات تبحر لفترة أطول. وهذا من شأنه أن يضع الأسعار تحت ضغط صعودي قوي".
وقالت شركة النفط والغاز النرويجية (إكوينور) إنها أعادت توجيه "بضع سفن" تحمل النفط الخام والغاز البترولي المسال بعيدا عن البحر الأحمر. ورفضت الشركة الإفصاح عن عدد هذه السفن.
وقالت شركة ناقلات النفط البلجيكية (يوروناف) إنها تتجنب البحر الأحمر "حتى إشعار آخر".
تأخير الشحنات وارتفاع الأسعار
ويتوقع أن يؤدي تحول شركات الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح إلى إطالة وقت الرحلة، ومن ثم تأخير الشحنات، وكذا ارتفاع التكاليف.
وقال ريكو لومان، المحلل لدى "آي.أن.جي"، إن عمليات تغيير مسار السفن تضيف أسبوعا على الأقل من وقت الإبحار لسفن الحاويات.
وعادة ما يستغرق شحن البضائع من شنغهاي إلى روتردام نحو 27 يوما عبر قناة السويس.
وأضاف لومان أن "ذلك سيؤدي على الأقل إلى تأخيرات في أواخر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع تأثيرات غير مباشرة في يناير/ كانون الثاني، وربما فبراير/ شباط، حيث سيتم تأجيل الجولة التالية أيضا".
وقال ماركو فورجيوني، المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية، إن "الاضطرابات ستؤثر على الأرجح على المعروض من السلع الاستهلاكية قبل العام الصيني الجديد على وجه الخصوص، مع التأخير الذي يترك تجار التجزئة بمخزون غير قابل للبيع، ويؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين".
وقالت مجموعة دانون الفرنسية للأغذية إن معظم شحناتها جرى تحويل مسارها، مما سيزيد المدى الزمني لوصولها.
وقال متحدث باسم دانون: "لدينا خطط تخفيف سيتم تفعيلها إذا استمر الوضع على المدى المتوسط إلى الطويل.. سيتضمن ذلك استخدام مسارات بديلة عبر البحر أو البر حيثما أمكن ذلك".
وقال تسفي شرايبر، الرئيس التنفيذي لمنصة الشحن العالمية "فرايتوس": "في حين أن أسعار الشحن سترتفع على الأرجح في هذه الرحلات الأطول أيضا، فإن شركات النقل في الوقت الحالي تبحث عن طرق لاستخدام السعة الزائدة".
وأضاف شرايبر: "من غير المرجح أن ترتفع الأسعار للمستويات التي شهدتها خلال الجائحة"، في إشارة إلى الآثار الاقتصادية لكورونا اعتبارا من عام 2020.
(رويترز، العربي الجديد)