شهدت المدن العراقية كافة أزمة في توفير الطاقة، بعد انقطاع تام للتيار الكهرباء دام لأكثر من 12 ساعة، وتزامن مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.
وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية، أول من أمس، التوقف التام للمنظومة الكهربائية في البلاد، بعد تعرّض محطة توليدية إلى حريق، واستهداف أبراج نقل الطاقة، مؤكدة فتح تحقيق في ذلك.
تخريب متعمد
تحاول الوزارة طمأنة الشارع، من خلال وعود تطلقها بتأمين عودة الإنتاج وتجاوز الصعوبات. وقال المتحدث باسم الوزارة العراقية أحمد العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل في العراق ليس انقطاعاً للتيار الكهربائي، بل انطفاء تام لعموم المنظومة، وهذا حصل بسبب حادث فني عرضي وهو حريق في محطة بكر التحويلة، أدى إلى انفصال الارتباطات في المنطقة الجنوبية عن المنطقة الوسطى، كذلك كان هناك استهداف أبراج خطوط نقل الطاقة للمنطقة الشمالية، في محافظة صلاح الدين، وحصل الاستهداف من خلال عبوات ناسفة".
وأضاف العبادي أن "ما حدث وفق التحقيقات في محطة بكر التحويلة، عارض فني طبيعي، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والأحمال الزائدة، والعمل على إعادة الطاقة الكهربائية تم فور حصول الخلل، وفعلاً أُعيدت الطاقة تدريجاً، والآن الوضع تتم إعادته إلى شكله الطبيعي في المحافظات العراقية كافة".
وأضاف أن "لدينا الكثير من خطوط الطوارئ، لكن حتى هذه الخطوط أُطفئت من أجل حمايتها من أي حمل زائد قد يؤدي أيضاً خروج حتى هذه الخطوط عن الخدمة، ولهذا إطفاء الطاقة عن بعض المناطق والمدن كان إجراءً احترازياً".
وأشار إلى أن "وضع الطاقة الكهربائي في العراق عاد إلى طبيعته، خصوصاً أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً بإنتاج الطاقة وهو الأول من نوعه في البلاد، حيث وصل إلى ما يقارب 26 ألف ميغاواط، كذلك فإن التحقيقات مستمرة بما حدث من استهداف للمنظومة الكهربائية، والهدف منه عرقلة الجهود الحكومية بتوفير الكهرباء للمواطنين، بعد أن لمسوا تحسناً كبيراً في تجهيز الطاقة خلال الأيام الماضية".
أطراف خارجية
من جهته، قال عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية، عن ائتلاف دولة القانون، داخل راضي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل من استهداف لمنظومة الكهرباء أمر متعمد، إذ تم في يوم العاشر من محرم (عاشوراء)، وهذا الاستهداف يهدف إلى استهداف جهود الحكومة الخدمية، في توفير الطاقة، خصوصاً بعد أن حُلَّت أزمة توفير الغاز من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وبيّن راضي أن "هناك أطرافاً خارجية وداخلية تعمل على إعاقة أي جهود حكومية خدمية وتعمل على خلق الأزمات، من خلال الكهرباء أو الوضع الاقتصادي المرتبط بالدولار والأسعار في السوق المحلية، والهدف من ذلك سياسي ومحاولة دفع الناس للتظاهر بحجة نقص الخدمات، التي حققت حكومة السوداني نجاحاً كبيراً فيها خلال الأشهر الماضية".
وأضاف النائب عن ائتلاف دولة القانون أن "الجهات المختصة عليها كشف من يقف خلف عمليات تخريب منظومة الكهرباء مهما كانت، ونحن في لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية، سيكون لنا تحقيق بما حدث من استهداف للمنظومة الوطنية، كما ستكون هناك محاسبة لكل من قصّر في أداء واجبه بحماية المنظومة، سواء من العناصر الأمنية المختصة بحماية الأبراج أو موظفي وزارة الكهرباء".
ويُعَدّ توفير الطاقة الكهربائية في فصل الصيف في العراق من أكبر الأزمات التي تواجهها الحكومات المتعاقبة، حيث تتعرض أبراج نقل الطاقة إلى أعمال تخريبية، كما تعمد إيران سنوياً إلى قطع إمدادات الغاز الذي يستخدم لتشغيل المحطات، وسط تخوف حكومي من تأجيج الشارع بسبب انخفاض ساعات تجهيز الطاقة.
أجندة سياسية
في المقابل، قال الباحث في الشأن العراقي، أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مخاوف حقيقية من إعادة سيناريو استهداف أبراج وشبكات الطاقة الكهربائية، كما كان يحصل في السنوات السابقة، وهذا الأمر يتطلب تشديد الإجراءات الأمنية حول تلك الأبراج والشبكات، وتسيير دوريات بشكل دائم لمنع استهدافها".
ولفت الشريفي إلى أن "استهداف أبراج وشبكات الطاقة الكهربائية، لا يخلو من الأجندة السياسية، كما أن الدوافع الإرهابية موجودة ببعض تلك الأعمال، لكن الجوانب السياسية موجودة بهدف إثارة الشارع، وما حصل سيتكرر خلال الأيام المقبلة، وغليان الشارع قد يكون قريباً بسبب هذه الأزمة وغيرها من الأزمات الاقتصادية والخدمية".
وأضاف أن "غالبية التظاهرات التي اندلعت في العراق، كانت في الأساس خدمية، ثم تحولت إلى مطالب سياسية من أجل تغيير النظام أو الحكومة وغيرها من الملفات ذات الجوانب السياسية، ولهذا ملف الكهرباء دائما ما يستغل، خصوصاً مع إخفاق كل الحكومات في حل هذه الأزمة طوال السنين الماضية، رغم صرف مليارات الدولارات عليها".
وسبق أن أعلنت حكومة السوداني أن مشكلة الكهرباء ضمن أولويات برنامجها، لكنها تواجه فعلياً عقبات عدة لاستئصالها من جذورها، وحتى على صعيد إنتاج الكهرباء محلياً باستخدام الموارد الأولية التي يملكها العراق، من دون الاعتماد على مصادر إنتاج من الخارج. وطلب العراق أخيراً بالسماح له بسداد تكلفة الكهرباء الإيرانية من خلال إيداعات في حسابات مقيدة ببنوك غير عراقية، وهو ما وافقت عليه الولايات المتحدة الأميركية، ولكن بصورة مؤقتة.