يبدو أن العرب لا يستفيدون من أزماتهم المتكررة أو حتى أزمات غيرهم، فعقب اندلاع الأزمة المالية العالمية في أغسطس/آب 2008 وحدوث انهيارات في أسواق المال الكبرى، خاصة في قطاعي المال والعقارات الأميركيين، توقع كثيرون أن تسحب الدول العربية الغنية، وعلى رأسها دول الخليج، أموالها من الأسواق المضطربة وتوجهها للمنطقة حتى لا تتعرض لخسائر فادحة، أو على الأقل تبحث عن مناطق آمنة وقليلة المخاطر لاستثمار أموالها بها مثل دول جنوب شرق أسيا واليابان والصين والهند.
وزادت هذه التوقعات عقب إفلاس مصارف وشركات استثمار أميركية كبرى كان العرب من أبرز المستثمرين والمودعين بها، وكذا حدوث انهيار لعائد الدولار ليصل إلى الصفر مع هروب الاستثمارات الأجنبية من الولايات المتحدة.
إلا أن هذا كله لم يحدث، حيث بقيت المليارات العربية على حالها في أسواق المال الغربية، بل وزادت من خلال قيام رجال أعمال عرب بتوجيه عشرات المليارات من الدولارات لإنقاذ مصارف وشركات تأمين وعقارات أميركية مفلسة.
كما قام مستثمرون خليجيون بإنقاذ القطاعين العقاري والمصرفي الأوروبي، عبر شراء عقارات وبنايات تاريخية في صفقات قدرت بمليارات الدولارات، خاصة في لندن وباريس وروما وزيورخ.
ولنا أن نتصور حجم الخسائر التي تعرض لها العرب جراء الأزمة المالية العالمية، خاصة وأننا نتحدث عن أن حجم الاستثمارات العربية في الخارج يتراوح ما بين 800 و1000 مليار دولار، حسب تقديرات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، ويرتفع الرقم إلى 2400 مليار دولار، حسب مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، في حين يقدرها اتحاد رجال الأعمال العرب، بنحو 14 تريليون دولار.
ويبدو أن العرب على موعد مع أزمة جديدة ربما تكون أعنف من الأزمة المالية، والأزمة هذه المرة تتمثل في تداعيات الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية وهي أزمة حقيقية، لأن هناك بعض الدول مثل دول الخليج يمثل النفط 95% من إيراداتها، وهذه الأزمة يجب أن تدفع الدول النفطية نحو تنويع مصادر دخلها والاهتمام أكثر بقطاعات إنتاجية منها الصناعة والزراعة والصادرات.