أهم انعكاسات فوز ترامب على الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الناشئة

06 نوفمبر 2024
متعامل في بورصة نيويورك يعبر عن فرحته بفوز ترامب / 6 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثير سياسات ترامب على الأسواق الناشئة: سياسات ترامب الاقتصادية، مثل الحماية التجارية وزيادة الرسوم الجمركية، قد تؤدي إلى سحب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة لصالح السوق الأميركية، مما يضع ضغوطاً على الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الاستثمارات الأجنبية.

- التحديات والفرص: تواجه الأسواق الناشئة تحديات مثل ارتفاع قيمة الدولار وزيادة تكلفة الديون، لكنها قد تستفيد من فرص تنويع اقتصاداتها وجذب الاستثمارات في قطاعات جديدة بعيداً عن الصين.

- استراتيجيات التكيف: تحتاج الأسواق الناشئة إلى استراتيجيات مرنة لجذب الاستثمارات، مثل تقديم حوافز ضريبية وإصلاحات تشريعية، مع التركيز على التنوع الاقتصادي، وتبرز فيتنام وتايلاند والمكسيك كمراكز صناعية بديلة.

يعيد فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولاية جديدة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي، ويثير تساؤلات حول مستقبل الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الناشئة والنامية، خاصة في ظل السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي يتبناها ترامب.

وتشمل سياسات ترامب الموعودة التوجه نحو الحماية التجارية، وزيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع المستوردة، واتباع سياسة نقدية مرنة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأميركي داخلياً. وبالنسبة للدول ذات الاقتصادات الناشئة والنامية، والتي تعتمد بشكل كبير على تدفقات الاستثمارات الأجنبية لدعم نموها الاقتصادي، فإن هذه السياسات قد تؤدي إلى تداعيات مهمة.

وستواجه الأسواق الناشئة تحديات كبيرة بعد فوز ترامب، لكنها أيضاً قد تجد فرصاً جديدة لتنويع اقتصاداتها وتعزيز مكانتها في النظام التجاري العالمي. ومع دخول الاقتصاد العالمي فترة جديدة من التحولات السياسية والاقتصادية، يصبح من الضروري أن تتبنى الأسواق الناشئة استراتيجيات مرنة ومبتكرة لجذب الاستثمارات وتحقيق استدامة اقتصادية طويلة الأمد.

من أبرز المخاطر المحتملة سحب أو تراجع تدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة ولمصلحة السوق الأميركية، حيث يسعى المستثمرون إلى الاستفادة من العوائد المتزايدة والدعم الحكومي المستمر للاقتصاد الأميركي. وخلال فترة رئاسته الأولى، عمل ترامب على تحفيز الاقتصاد الأميركي من خلال خفض الضرائب على الشركات وزيادة الإنفاق العام، مما جعل الولايات المتحدة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية مقارنةً بظروف الأسواق الناشئة. وإذا استمرت هذه السياسات، فقد يتجه المستثمرون إلى تفضيل الأصول الأميركية الآمنة والمربحة، ما يقلل من تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة ويؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي في هذه الدول.

وفي هذا السياق، تشهد الأسواق الناشئة تحديات إضافية نتيجة لاحتمال ارتفاع قيمة الدولار الأميركي، والذي يضع ضغوطاً إضافية على الدول التي تعتمد على ديون مقومة بالدولار. ومع ارتفاع قيمة العملة الأميركية، يصبح سداد الديون الخارجية أكثر كلفة، مما يزيد من الأعباء المالية على الاقتصادات في الأسواق الناشئة ويجعلها أكثر عرضة للتقلبات المالية. وقد يؤدي هذا إلى انخفاض قيمة العملات المحلية مقابل الدولار، ما قد يدفع البنوك المركزية في هذه الدول إلى رفع أسعار الفائدة لمحاولة دعم عملاتها، كما حدث في كل من مصر وتركيا، الأمر الذي قد ينعكس سلبًا على الاستثمار والنمو.

من جهة أخرى، فإن سياسة ترامب التجارية المتشددة تجاه الصين ودول أخرى قد تعيد تشكيل سلاسل التوريد العالمية وتفتح فرصاً لبعض الأسواق الناشئة. ففي ظل فرض المزيد من الرسوم الجمركية على السلع الصينية، قد تنظر الشركات العالمية إلى دول أخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية كمواقع بديلة لتصنيع منتجاتها وتصديرها. وقد تستفيد بعض الدول الناشئة، التي تمتلك تكلفة عمالة منخفضة وبنية تحتية مناسبة من هذه الفرصة لجذب الاستثمارات في قطاعات مثل الصناعات التحويلية والتكنولوجيا، مما يعزز قدراتها التصديرية ويزيد من فرص العمل لديها.

ومع ذلك، يجب على هذه الدول أن تتعامل بحذر مع الفرص المتاحة، حيث إن الاعتماد الزائد على الاستثمارات الأجنبية قد يزيد من هشاشتها الاقتصادية في حال تراجع اهتمام الشركات الأجنبية أو حدوث أزمات مالية. لذلك، تحتاج الأسواق الناشئة إلى اعتماد سياسات اقتصادية تحفز الاستثمارات المحلية وتدعم التنوع الاقتصادي، لتكون قادرة على مواجهة التغيرات العالمية غير المتوقعة التي قد تطرأ مع استمرار السياسات الاقتصادية القومية التي يتبناها ترامب.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استمرار ترامب في تطبيق سياسات الحماية التجارية إلى زيادة المنافسة بين الأسواق الناشئة لجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة من الشركات التي تسعى لتقليل اعتمادها على الصين كسوق إنتاج. وفي هذا السياق، قد تجد بعض الدول في جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية نفسها في سباق لجذب المستثمرين من خلال تقديم حوافز ضريبية وإصلاحات تشريعية لتسهيل بيئة الأعمال. ومع ذلك، فقد تكون هذه المنافسة مكلفة، إذ ستضطر بعض الدول إلى تقديم امتيازات كبيرة قد تؤثر في إيراداتها العامة على المدى الطويل، وهو ما قد يضع ضغوطاً إضافية على الميزانيات الحكومية.

وترى مجلة "ذي إيكونوميست" أنه من بين الأسواق الناشئة في جنوب شرق آسيا، يمكن أن تستفيد فيتنام وتايلاند من التحولات في سلاسل التوريد العالمية الناجمة عن السياسات التجارية المتشددة للولايات المتحدة تجاه الصين. ففيتنام، على وجه الخصوص، كانت قد جذبت بالفعل استثمارات كبيرة من الشركات التي تسعى إلى نقل إنتاجها خارج الصين بسبب الحرب التجارية التي اندلعت بين واشنطن وبكين خلال ولاية ترامب الأولى. وبدعم من تكاليف العمالة المنخفضة وتحسينات في البنية التحتية، تسعى فيتنام إلى تعزيز مكانتها كمركز صناعي بديل، خاصة في قطاعات الإلكترونيات والمنسوجات.

وفي أميركا اللاتينية، أشارت تقارير لبلومبيرغ إلى أن المكسيك تعد مثالاً آخر للدول التي يمكن لها أن تستفيد من السياسة التجارية الأميركية في عهد ترامب. وبفضل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وكندا (USMCA)، تستمر المكسيك في جذب الاستثمارات في قطاع السيارات والإلكترونيات، حيث يرى المستثمرون فيها بديلاً لتجنب الرسوم الجمركية المرتفعة على السلع الصينية، وفقاً لما نشرته جريدة فاينانشال تايمز البريطانية، قبل عدة أسابيع. ومع ذلك، يواجه الاقتصاد المكسيكي تحديات في تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وتجنب الاعتماد المفرط على التجارة الأميركية، وهو ما قد يزيد من هشاشته في مواجهة أي تغيرات في السياسة الأميركية.

ومن ناحية أخرى، فإن التأثيرات الاقتصادية لسياسات ترامب قد تتجاوز تدفقات الاستثمارات المباشرة، حيث يمكن أن تؤدي إلى اضطراب أسعار السلع الأساسية مثل النفط والمعادن، إذ يعتمد العديد من الدول الناشئة على تصدير هذه السلع، ما يجعلها عرضة لتأثيرات سلبية إذا ما دخلت الولايات المتحدة في نزاعات تجارية جديدة. وقد يؤدي هذا إلى زيادة تقلبات الأسواق المالية في تلك الدول، مما يجعلها أكثر عرضة للأزمات المالية إذا لم يتم تبني سياسات اقتصادية مرنة وإجراءات تحوطية قادرة على تقليل المخاطر المحتملة.

المساهمون