أجندة ترامب الاقتصادية تثير الجدل وتشعل الرئاسيات

أجندة ترامب الاقتصادية تثير الجدل وتشعل الرئاسيات

01 مايو 2024
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، نيويورك 30 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دونالد ترامب يسعى لتشكيل أجندة اقتصادية لولاية ثانية تركز على فرض رسوم جمركية صارمة، خفض الضرائب، وتشجيع سياسة الأموال الرخيصة، متجاهلاً تحذيرات الاقتصاديين بشأن ارتفاع التضخم.
- يخطط لجعل التخفيضات الضريبية دائمة واستبدال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، مما يثير مخاوف بشأن استقلالية البنك وتأثيرات التضخم.
- استطلاعات الرأي تظهر ثقة الناخبين في قدرة ترامب على خفض تكاليف المعيشة والسيطرة على التضخم أكثر من بايدن، مستفيدًا من الندوب الاقتصادية لمرحلة ما بعد الوباء.

مع دخول حملات المرشحين مرحلة الجد في سباق انتخابات الرئاسة الأميركية، يعكف الرئيس السابق دونالد ترامب على بناء أجندة اقتصادية لفترة ولاية ثانية، يقول المحللون إنها يمكن أن تعيد إشعال التضخم الذي طالما اتُهم الرئيس جو بايدن بالتسبب فيه.

وقال ترامب في مقابلة مع مجلة تايم نشرت تفاصيلها يوم الثلاثاء: "أنا أسميها طوق حول البلد"، في إشارة إلى الرسوم الجمركية الصارمة التي وعد بفرضها خلال فترة ولايته الثانية. وأضاف: "لا أعتقد أيضًا أن ذلك سيتسبب في ارتفاع الأسعار إلى الحد الذي يشيرون إليه".

وفي أكثر من مناسبة، تعهد المرشح الرئاسي الجمهوري بزيادة الرسوم الجمركية وخفض الضرائب وتشجيع سياسة الأموال الرخيصة إذا فاز في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.

ويتفق أغلب الاقتصاديين ومحللو وول ستريت على أن هذه الخطط من المرجح أن تدفع أسعار المستهلكين إلى الارتفاع. ورفض ترامب هذه الفكرة تماما، وقال: "لا أعتقد أن النتيجة ستكون ارتفاع التضخم. أعتقد أن هذا سيقلص خسائر بلدنا".

وتعهد الرئيس السابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 10% على كافة أنواع الواردات، ودفعها إلى مستويات أعلى، تتراوح بين 60% و100%، بالنسبة للصين والمكسيك.

وينوي ترامب أيضًا تمديد تخفيضاته الضريبية التي أقرها في فترة رئاسته الأولى، رغم تسببها في زيادة العجز عند تنفيذها لأول مرة. وكان يفترض أن تنتهي تلك التخفيضات في عام 2025.

وقال ترامب في تجمع حاشد في ولاية كارولينا الجنوبية في فبراير/شباط: "سأجعل تخفيضات ترامب دائمة، وسنخفض ضرائبكم بشكل أكبر".

وبالإضافة إلى ذلك، أشار ترامب إلى نيته استبدال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، ومن ثم الضغط على رئيس البنك الجديد لخفض أسعار الفائدة. ويعمل حلفاء ترامب أيضًا على وضع خطط لإجبار البنك الفيدرالي على التشاور مع ترامب بشأن قرارات أسعار الفائدة، وفقًا لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال. وينظر المحللون إلى هذه المقترحات باعتبارها تهديدات واضحة لمسار التضخم نحو مستواه المستهدف بالقرب من 2%.

وأكد محللو بنك الاستثمار بايبر ساندلر، في مذكرة أرسلت للعملاء الأسبوع الماضي أن "ولاية ترامب الثانية يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الرسوم الجمركية، وإضعاف الدولار، وزيادة العجز، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وكلها سياسات يمكن أن تضع ضغوطًا تصاعدية على التضخم".

وكتب بول أشورث، كبير الاقتصاديين في أميركا الشمالية في كابيتال إيكونوميكس، يوم الاثنين: "معظم المبادرات السياسية الرئيسية التي تقترحها حملة دونالد ترامب ستكون تضخمية. سواء كان الأمر يتعلق بتضييق العجز التجاري عن طريق التعريفات الجمركية أو تخفيض قيمة الدولار، أو الحد من الهجرة، أو كما تعلمنا الآن، المساس باستقلالية بنك الاحتياط الفيدرالي".

وعندما يتعلق الأمر بالتعريفات الجمركية، يلاحظ محللو "وول ستريت" أن الشركات تنقل تكاليف الاستيراد المرتفعة إلى عملائها عن طريق رفع الأسعار.

ورفض ترامب هذه الفكرة بشكل قاطع في المقابلة التي أجرتها معه مجلة تايم: "يقول الكثير من الناس: أوه، هذا سيكون ضريبة علينا. لا أصدق ذلك. أعتقد أنها ضريبة على الدولة التي تصدر منتجاتها إلينا".

وكتب محللو بنك ويلز فارغو في تقرير صدر في أوائل إبريل/نيسان أن سياسات التعريفات الجمركية التي ينتهجها ترامب "ستكون تصعيدًا كبيرًا للسياسة التجارية الحالية، وستؤدي إلى زيادة التكاليف على المستوردين الأميركيين، وتضع ضغوطًا تصاعدية على التضخم".

لكن هذا التأثير التضخمي "يمكن استيعابه جزئيا على المدى القريب"، حسبما أضاف محللو ويلز فارغو، موضحين أن العديد من الموردين بدأوا في تنويع بضائعهم بعيدا عن "المنتج المعرض للتعريفة الجمركية".

ولم يكن للتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الصين، والتي كادت تتسبب في زيادة اشتعال الحرب التجارية بين البلدين، سوى تأثير "هامشي" على الاقتصاد، وفقًا لتقرير ويلز فارغو الذي جاء فيه أنه "يُعزى الارتفاع في تضخم أسعار المستهلكين في المقام الأول إلى الاضطرابات الناجمة عن الوباء وليس إلى الحرب التجارية أو التعريفات".

وقالت حملة ترامب: "في عهد الرئيس ترامب، لم يكن التضخم موجودًا، وكان البنزين رخيصًا، وكانت البقالة ميسورة التكلفة، وكان الحلم الأميركي حيًا وبصحة جيدة".

وعلى الرغم من التهديد التضخمي الذي تفرضه العناصر الأساسية في أجندة ترامب، فقد وجدت استطلاعات الرأي باستمرار أن الناخبين يثقون في ترامب أكثر من ثقتهم في بايدن وقدرته على خفض تكاليف المعيشة والسيطرة على التضخم. وبصورة عامة، اعتبر حنين الناخبين لاقتصاد ترامب نتيجة ثانوية للندوب التي خلفها التضخم في مرحلة ما بعد الوباء.

وفي يناير/كانون الثاني 2017، عندما تولى ترامب منصبه، انخفض مؤشر أسعار المستهلكين، وهو مقياس رئيسي للتضخم، ليسجل معدلاً سنوياً 2.51%. وانخفض هذا الرقم على مدار فترة إدارته، ومع وصول بايدن إلى المكتب البيضاوي، كان معدل التضخم السنوي عند 1.40%.

وبحلول صيف عام 2022، وبالتزامن مع ظهور وانتشار فيروس كوفيد 19 وصدور أوامر الإغلاق العام، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي متجاوزاً 9%، ومدفوعا في المقام الأول بتصادم الطلب الاستهلاكي المكبوت مع سلاسل التوريد العالمية المتعثرة التي لم تتمكن من تسليم المنتجات بالسرعة الكافية. ومنذ ذلك الحين تراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3.48% في شهر مارس من العام الجاري.

وواجه بايدن مهمة شاقة لإقناع الناخبين بأنهم أفضل حالًا في الوقت الحالي بفضل إنجازاته الاقتصادية، التي تشمل انخفاض معدل البطالة، ونمو الناتج المحلي الإجمالي بصورة مستدامة، والاستثمارات التاريخية في الطاقة النظيفة.

وفي الأشهر الأخيرة، اتخذ بايدن أيضًا موقفًا أكثر تشدداً بشأن فرض القيود التجارية على الصين. وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قال بايدن إنه يريد مضاعفة التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم المستوردين من الصين ثلاث مرات.

وبينما كان بايدن يقدم حججه الاقتصادية للناخبين، استفاد ترامب من البيانات الاقتصادية الصادرة على مدار الأشهر القليلة الماضية في انتقاد خصمه وسياسات بنك الاحتياط الفيدرالي.

وكتب ترامب في منشور على تطبيق التواصل الاجتماعي الذي يملكه تروث سوشيال في وقت سابق من إبريل: "لقد عاد التضخم بقوة. لن يتمكن بنك الاحتياط الفيدرالي أبداً من خفض أسعار الفائدة، لأنه يريد حماية أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة!"

ولم يكن من الواضح ما الذي كان يقصده الرئيس السابق بهذا، خاصة وأن باول، الجمهوري طوال حياته، تم تعيينه من قبل ترامب.