آلب توبكوغلو: خطة تستهدف تحويل الجزائر إلى قطب لصناعة الحديد

16 يوليو 2024
آلب توبكوغلو (العربي الجديد)
+ الخط -

يكشف المدير العام لمجمع "توسيالي الجزائر" للحديد والصلب، آلب توبكوغلو، في مقابلة مع "العربي الجديد" عن جملة النشاطات التي يمارسها المجمع، والأهداف المسطّرة خلال المراحل المقبلة، موازاة مع الدور الجوهري لمنجم الحديد بغار جبيلات، ومشروع مصنع ولاية بشار (قرابة 1000 كلم جنوب غرب الجزائر العاصمة)، الذي يعتبر "توسيالي الجزائر" أحد أبرز شركائه.

وأكد أن التدريب هو حجر أساس نجاح "توسيالي الجزائر" فهو أول الأولويات، انطلاقاً من أن قطاع صناعة الحديد والصلب منفتح على العديد من التخصصات. وفيما يلي نص الحوار:

 

 

- أُطلِقت مؤخراً سلسلة من المشاريع الصناعية في الجزائر التي تحتاج إلى مواد خام في مجال الحديد. كيف يؤثر هذا على نشاط صناعة الصلب؟

بالفعل، تعمل الجزائر في المرحلة الراهنة على استغلال جميع إمكاناتها من الثروات المعدنية بكلّ أشكالها. أما ما يخص صناعة الصلب، فإنّ منجم غار جبيلات للحديد يعتبر "نعمة" لشركاتنا المتخصصة في إنتاج الحديد.
على الرغم من أن هذا المنجم يتميز بخصائص كيميائية عالية الفوسفور يتطلب منا معالجة مسبقة لاستخراج المادة الخام التي نحتاج إليها وهي خام الحديد، فمجمع "توسيالي" يخصص استثمارات مهمة في هذا الاتجاه، تُرجمت مؤخراً من خلال إنجاز مصنعنا لمعالجة المعادن وخام الحديد على مستوى ولاية بشار.
الإمكانيات التي يتوفر عليها منجم غار جبيلات أكّدتها السلطات العمومية في مناسبات عديدة، ولا سيما موازاة مع مشروع نقل منتجه من خام الحديد عبر السكك الحديدية من تندوف (موقع المنجم) إلى غاية مصنع المعالجة في ولاية بشار، بقدرات أولية تصل إلى 500 ألف طن.

بمجرد معالجة هذا الخام من الحديد والتخلّص من أجزائه الفوسفورية، سينقل إلى مركبنا بولاية وهران (432 كيلومتراً غرب الجزائر العاصمة)، وبالتحديد في منطقة بطيوة، أين تتم عملية التحويل لإنتاج الحديد بمختلف أنواعه واستعمالاته.
ومن هذه المنطلقات، فإن منجم غار جبيلات سيدفع "توسيالي الجزائر" إلى رفع إنتاجه من مصادر محلية، لبلوغ إجمالي 8 ملايين طن من الحديد، جزء منها مستخرج من مناجم وطنية، ما من شأنه تقليص تكاليف نقل الخام من الحديد المستورد وشحنه.

- كم تقدر الطاقة الإنتاجية السنوية لمصنع "توسيالي الجزائر"؟

الطاقة السنوية لإنتاجنا الإجمالي يقترب من 4 ملايين طن من الحديد، يضم تشكيلة متنوعة، ويعتزم المجمع إطلاق خط لإنتاج مسطحات الحديد خلال النصف الثاني من سنة 2024، في سياق العمل على الرفع من وتيرة الإنتاج وتكثيف النشاط وولوج الأسواق الخارجية وتحويل البلاد إلى قطب في صناعة الحديد.
خط الإنتاج لمشروع توسيع المنتجات وتنويعها يجسد من خلال تصنيع مسطحات الحديد، سيدخل حيز الاستغلال خلال السداسي الثاني من هذا العام، موازاة مع ارتفاع عدد العمال ليصل إلى 6500 عامل.
 

- هل يعتزم "توسيالي" على توسيع استثماراته لتطوير قدرات الإنتاج؟ وما هي الاستثمارات المسخرة لبلوغ الأهداف؟

نعم، يعتمد "توسيالي الجزائر" على استراتيجية تقوم على إعادة الاستثمار، فكل الأرباح المسجلة تضخ مجدداً في مشاريع محلية، ومن الطبيعي ضمن هذا المبدأ برمجة مشاريع التوسعة لمركبنا، كما هو الشأن في ما يخص مصنعنا الجديد لإنتاج الصفائح المسطحة (تكلمنا عليه آنفاً).
هذه الوحدة الصناعية تنتج مليوني طن من صفائح الحديد، توجّه لتغطية الطلب المحلي والتصدير نحو أسواق خارجية كذلك، كما يشغل المصنع 2000 عامل بطريقة مباشرة، بصرف النظر عن حوالي 14 ألف منصب عمل آخر بطريقة غير مباشرة.
الصفائح الحديدية التي سننطلق في إنتاجها خلال الأيام المقبلة ستعوض بشكل محسوس الواردات الجزائرية، حيث يرتفع الطلب على هذا النوع من منتجات الحديد، خاصة في صناعة الأجهزة الكهرومنزلية، صناعة السفن، الصناعة العسكرية فضلاً عن مجال البناء ولا سيما عند استخدام الهياكل المعدنية.
ومن المتوقع أن تقدر قيمة الاستثمار لإنجاز الوحدة الصناعية الجديدة في منجم غار جبيلات ما بين 120 و150 مليون دولار، في مرحلة أولية للانطلاق في تنفيذ المصنع الذي ينتج 500 ألف طن من الحديد سنوياً، والتي تُمكِّن الاقتصاد الجزائري من الحفاظ على العملة الصعبة بما يعادل 60 مليون دولار سنوياً.
يوجّه إنتاج المصنع بتشكيلته المتنوعة، في مرحلة أولى، إلى تغطية الاحتياجات الوطنية من الحديد والصلب، كما سيتوجه جزء من الإنتاج إلى توفير احتياجات قطاع الصناعة الميكانيكية وتغطية الطلب على الحديد لفائدة مصانع السيارات المقبلة، ومن ثم الانتقال من مرحلة التركيب إلى التصنيع ورفع نسبة الإدماج لهذا القطاع.

- كم تبلغ الحصة الإنتاجية المخصصة للسوق المحلية مقارنة بالإنتاج الموجه للتصدير؟

صراحة، لا يمكن الفصل بدقة باستعمال أرقام إنتاج الحديد بالطن، بين حصص السوق الداخلية والواردات، بل من خلال الاعتماد على النسب المئوية، فالاحتياجات الجزائرية تفوق 50% من الإنتاج، جزئية لا يمكن إغفالها، بينما يعتبر "توسيالي الجزائر" واحداً من بين المنتجين الثلاثة الرائدين في سوق الحديد والصلب.
وللإجابة أكثر عن السؤال أقول: حصة السوق الداخلية من إنتاج مركبنا مهمة، ويجب تغطية احتياجاتها بصفة أولية، هذا ما ينص عليه القانون الساري العمل به.
أمّا ما يخص صادرات "توسيالي الجزائر" فإنّ أرقام ومؤشرات إدارة الجمارك ووزارة التجارة تشير إلى أنّ "توسيالي الجزائر" تعتبر أول مصدر جزائري خارج قطاع المحروقات، فقد حققنا أرقاماً مهمة في هذا المجال، نعتبرها مجرد بداية لمغامرة جميلة في الأسواق الدولية.

- ما هي أهم الأسواق الدولية المستهدفة؟ علماً أنّ الاستراتيجية الحكومية موجّهة نحو القارة الأفريقية؟

في ما يخص مؤسسة منتجة، أهم سوق خارجية تلك التي يعرف طلبها ارتفاعاً بوتيرة متواصلة ومستقرة، من هذا المنظور ينصب اهتمامنا على جميع القارات، فقد تمكنت "توسيالي الجزائر" من تسويق منتجاتها في العديد من البلدان على غرار رومانيا، كندا، الصين فضلاً عن أفريقيا. الأهم أيضاً ضمن استراتيجيتنا هو الحضور على مستوى هذه الأسواق بمعايير جودة عالمية تتميز بها منتجاتنا، موازاة مع الاستقرار في الإمدادات والعرض.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وللعودة إلى السؤال، فإنّ وجود الجزائر في القارة الأفريقية وفي حوض البحر الأبيض المتوسط يجعلنا نخصص الأولوية لهذه المناطق، فضلاً عن كون "توسيالي الجزائر" متناغماً مع توجهات الحكومة ونظرتها إلى التجارة الخارجية، وعلى هذا الأساس أينما وجدنا قنوات جديدة لتصدير منتجاتنا إلى أفريقيا فسنكون جاهزين، خاصة بالنظر إلى إمكانيات النمو الكبيرة المتوفرة في هذه السوق الواعدة.

يضاف إلى هذا كله الفرص التي تتيحها المنطقة الأفريقية للتبادل الحر "زليكاف" في سياق إيصال منتجات "توسيالي" بأسعارها التنافسية إلى الأسواق الأفريقية.

- ما هي أنواع منتجات الحديد التي يتم إنتاجها في مصنع وهران؟

تنتج "توسيالي الجزائر" تشكيلة متنوعة من منتجات الحديد والصلب، أبرزها الأكثر طلباً على مستوى السوق المحلية، مثل: الدائرة الخرسانية وسلك الماكينة والأنابيب اللولبية، وقريباً الفولاذ المسطح.


- تعتبر "توسيالي الجزائر" أحد أهم شركاء مصنع "فيات الجزائر" كيف ستترجم هذه الشراكة؟ وهل تعتزمون إقامة شراكات في المستقبل مع علامات أخرى؟

"توسيالي الجزائر" يعد شريكاً لكلّ المصنّعين من دون أدنى استثناء، حيث نسعى لتوفير منتجاتنا للمتعاملين الذين يحتاجون إليها، فكل أنواع منتجات الحديد والصلب استراتيجية وضرورية في نشاطات مختلفة واستخدامات عدة، ومن هذه المنطلقات توفر الشركة منتجات حديدية لكل المتعاملين الطالبين لها بصرف النظر عن حجم النشاط، بداية من أبسط النشاطات وصولاً إلى الصناعات الكبرى كما هو الشأن في ما يخص القطاعات الميكانيكية وإنتاج الأجهزة الكهرومنزلية التي يعد فيها منتجات الحديد أحد أهم موادها الأولية الأساسية.
ومن هذا المنطلق، فإنّ شركاءنا متنوعون، فنحن منفتحون لتفاوض مع جميع من يرغب في استعمال إنتاجنا من الحديد والصلب، خاصة الشركات الجزائرية ممن تسعى لتطوير الصناعة المحلية وترقية شعار "صنع في الجزائر".

- ما هي التحديات الكبرى التي تواجه "توسيالي الجزائر" في بلوغ أهدافها؟

أبرز تحدٍّ يواجه شركتنا هو جعل الحديد والصلب المنتج محلياً مطابقاً للمعايير العالمية، من خلال الاهتمام بالنوعية ورفع، تبعاً لذلك، قيمة تنافسيتها على مستوى الأسواق الدولية، موازاة مع الفرص التي تتيحها انخفاض تكلفة إنتاجها مقارنة بنظيراتها عبر العالم.

تحدٍّ آخر يواجهنا متعلق بالاقتصاد الجزائري، يتمثل في جعل "الثورة الصناعية" شيئاً ملموساً، اعتماداً على تطوير جملة الفروع الإنتاجية الصناعية، التي يعتبر فيها إنتاج الحديد والصلب محورياً، هذا الأمر يمر حتماً عبر الحثّ على الإنتاج وتشجيعه وتسهيل التصدير نحو الخارج.
ولا يمكن في هذا الإطار إغفال تحدي حماية البيئة، وهو ما تجسده مؤسستنا من خلال خطتها في إدراج مصادر الطاقة الخضراء في سلسلة الإنتاج التي تحترم حماية المحيط وتساهم في ترشيد استهلاك الطاقة.


- كيف تستثمر "توسيالي الجزائر" في التكنولوجيا الحديثة؟، وما هي مكانة التدريب لتطوير الموارد البشرية؟

التدريب هو حجر أساس نجاح "توسيالي الجزائر" فهو أول الأولويات، انطلاقاً من أن قطاع صناعة الحديد والصلب منفتح على العديد من التخصصات وتفرض النشاطات الميدانية التحكم في جملة من الأشغال قد تكون معقدة في بعض الأحيان.
على هذا الأساس نحرص على تكوين (تدريب) فرقنا باستمرار في جميع فروع النشاطات سواء على مستوى مواقع الإنتاج أو ضمن دورات تكوينية متخصصة.
أما في ما يخص استعمال التكنولوجيا الحديثة في مصنعنا، أرغب في تأكيد أن "توسيالي الجزائر" تحصل على أهم الشهادات العالمية، ونحن فخورون بامتلاكنا لتكنولوجيا "دري دايركت ريدوس أيرون" التي تعتبر حصرية على مستوى كلّ من أفريقيا وأوروبا.

المساهمون