لطالما اشتهرت أفلام التسعينيات بمشاهد رحلات التخييم من خلال استخدام العربات النقالة، أو كما تعرف بالكرافانات. كانت سياحة الكرافانات واحداً من أكثر البرامج السياحية الأقل تكلفة، والأكثر شهرة في ذلك الوقت، وكانت بالنسبة لنا في العالم العربي بمثابة ثقافة جديدة.
بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً، بدأت هذه السياحة تأخذ رواجاً في محيطنا العربي، فهي من جهة توفر للعائلة الاستمتاع برحلات داخل حدود الدولة وبتكاليف بسيطة جداً، ومن ناحية أخرى تسمح للعائلات بالتعرف على معالم دولها وخوض تجربة جديدة. لعل أكثر ما شد انتباهنا في تلك الأفلام هو طبيعة الكرافان، إذ إن منزلاً نقالاً بما يحتويه من غرفة للنوم وأخرى للمعيشة ومطبخ صغير، كان فكرة جديدة، والأكثر دهشة، كان كم المغامرات التي يعيشها أصحاب الكرافان على الطرقات، والعلاقات الاجتماعية التي تنسجها العائلات مع بعضها البعض.
لماذا سياحة الكرافانات؟
ربما يسأل المواطن العربي لماذا نتجه إلى سياحة الكرافانات، إذ يمكننا زيارة أي معلم سياحي داخلي والعودة إلى البيت مساء؟ ببساطة، تشكل سياحة الكرافانات بحد ذاتها متعة، فهي ليست فقط وسيلة نقل لزيارة معلم تاريخي، هي رحلة ترفيهية، تجمع الأسرة والأصدقاء في جو عائلي لأيام بعيداً عن الروتين اليومي.
في الدول العربية، بدأت تزدهر هذه الثقافة بشكل كبير، ففي سلطنة عمان، يمكن استئجار كرافان لمدة أربعة أيام، بهدف التخييم على شواطئ البحر الخلابة. يصف ماكس لاين، وهو مؤسس مدونة لاين السياحية، أنه خلال زيارته سلطنة عمان في العام 2019، تعرف إلى سياحة الكرافانات، وكانت بالنسبة له فكرة رائعة، إذ تمكن من زيارة الكثير من معالم السلطنة بوقت قليل، ولم تصل تكاليف الرحلة لأكثر من 10 دولارات يومياً، كما كانت فرصة للاحتكاك بالسكان المحليين، والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم.
التخييم
الهدف الرئيس من سياحة الكرافانات هو التخييم في الجبال أو في الصحراء. وفي فصل الربيع، عادة ما تخرج العائلات إلى البراري والصحاري من أجل الاستجمام وإقامة حفلات الشواء. ومن هنا، بدأت الدول العربية، خاصة في الخليج والمغرب، إلى التشجيع على سياحة الكرافانات، حيث يمكن للاصدقاء استئجار الكرافان لمدة يومين، واكتشاف الطبيعة، والتعرف على أنواع مختلفة من الحيوانات، وهو ما يطلق عليها السياحة البيئية.
في المغرب، يعد شاطئ الترك، على سبيل المثال، واحداً من أكثر الشواطئ جذباً لمحبي سياحة الكرافانات، حيث راجت هذه السياحة مع بدء فك حالات الإغلاق بسبب فيروس كورونا. إذ يقصد المغاربة هذا الشاطئ للاستجمام، ولممارسة رياضات متنوعة، كالصيد، إضافة إلى التخييم بجانب الشاطئ. تمكن زيارة الصحراء العربية، والاستجمام بما توفره هذه البيئة من خصائص فريدة عن حياة العرب، وطرق معيشتهم البدائية.
مهرجان للطعام
لعل أكثر ما يميز سياحة الكرافانات هو التعرف على أكثر من طبق تشتهر به المناطق التي تزورها العائلة. يساعد هذا النوع من السياحة في التعرف على أشكال مختلفة من الأطباق، وبأسعار بسيطة.
تخيل أنك في قلب دول الخليج العربي، وتزور أكثر من دولة في أسبوع واحد. ستكون الفرصة مناسبة جداً لتذوق الأطعمة الخليجية التي تتميز بها كل دولة، من أطباق المدفون إلى المندي، والمظبي، واللقيمات وغيرها.
أما إن كنت في لبنان مثلاً، وتريد التعرف على المناطق الجبلية، فإليك قائمة كبيرة من المنتجات التي لن تراها في العاصمة، أبرزها أطباق القورما، المعجنات التقليدية، وحتى الحلويات الشعبية. يقول ماكس لاين: " خلال زيارتي عمان، استمتعت كثيراً بتناول الفطور العماني الأصيل في المطاعم الشعبية، وكان ذلك بالنسبة لي فرصة للتعرف على مكونات مختلفة للأطعمة عن تلك التي تقدمها الفنادق".
المغامرات المتنوعة
تمتاز سياحة الكرافانات بالمغامرات المتنوعة طوال فترة الرحلة. ببساطة لأنه لا توجد أي قيود للإقامة أو التنزه. في الصباح، يمكن الاستيقاظ في أي وقت، وتناول الفطور في أي مكان، كما تمكن زيارة أي معلم بأي وقت، والأجمل من كل هذا، أن العائلة تخوض معاً هذه التجربة وتشارك في تفاصيلها.
وكذلك، فإن التقييد بالسهر في الليل، الذي عادة ما تفرضه الفنادق على السياح، هو أمر غير موجود. يمكن للعائلة أن تبقى حتى ساعات الصباح الأولى في الغابات أو الصحراء، والاستمتاع بالأجواء الموسيقية والترفيهية.
كما أن الرحلة تعد سبباً رائعاً لإقامة شبكة كبيرة من العلاقات الاجتماعية مع عائلات أخرى، والتعرف على تقاليد وثقافات مختلفة. ومن هنا، بدأت السلطات في الدول العربية أو تركيا تشجيع المواطنين على هذا النوع من السياحة، حيث عمدت إلى تخصيص أماكن لركن الكرافانات، وسمحت لها بالسير أثناء الليل على الطرقات السريعة.