أدى ظهور العولمة وصعود ممارسات استهلاكية عابرة للحدود إلى إنشاء مناطق جغرافية اجتماعية اقتصادية وثقافية جديدة، ومن أبرز مظاهر هذه العملية انتشار سلسلة العلامات التجارية العالمية مثل "ستاربكس" و"ماكدونالدز" الأميركيّتين، و"كارفور" الفرنسية، و"زارا" الإسبانية.
يُنظر إلى هذه السلاسل على أنها تدفقات مادية للسلع والصور والتمثيلات الثقافية، وفي ما يتعلق ببلدان المنطقة العربية مثلاً، لا يوجد الكثير من الدراسات التي تفكك أثر هذه السلاسل على ثقافة الاستهلاك وعلاقتها بتلبية المتطلبات الاجتماعية والمكانية من خلال تجربة الاستهلاك التي تقدمها.
كما لم تطرح أسئلة من قبيل ما الذي يحدد أهمية العلامة التجارية العالمية في السياق المحلي؟ ما هي السمات الجديدة التي يتم إنشاؤها من خلال اللقاء بين العلامة التجارية والمستهلك؟ ثم ما هي العلاقة بين هذه السلاسل والثقافة المحلية والهوية المشتركة للبلد الذي يستقبلها، فضلاً عن علاقتها بالثقافة العمرانية والمعمارية للمدن الحاضنة.
في الحقيقة إن ما يحدث هو العكس تماماً، فمعظم هذه السلاسل تفرض هويتها وشكلها على المكان المضيف، فهي علامات تحافظ على هويتها ذاتها في بيئات مختلفة حاملة معها المكونات المختلفة لتجربة الاستهلاك ومعانيها الاجتماعية والثقافية، لتخلق وهماً من أنها تمثل الهوية الحضرية المعاصرة وتكون صورة اجتماعية وثقافية حول مرتاديها.
في هذا السياق، انطلقت "حملة محلي" التي تكوّنت من سكان ورواد منطقة جبل اللويبدة في عمّان، والتي تعد من أقدم الأحياء في المدينة الذي يحتضن العديد من المقاهي الثقافية والغاليرهات والمراكز الثقافية والفنية.
أطلقت الحملة بياناً جاء فيه: "نظمنا أنفسنا لنتحرّك ونحرّك الأردنيين لحماية عمّان القديمة، فقد علمنا مؤخراً ببوادر دخول شركات عالميّة كبرى إلى حي جبل اللّويبدة ووسط البلد، المؤكَّد منها حتّى الآن مقهى "ستاربكس" الأميركي، ومتجر "كارفور" الفرنسي في وسط البلد، ومطعم "ماكدونالاد" أيضاً في وسط البلد".
وأضاف البيان: "لقد خسرنا ما يكفي من طبيعة وهويّة عمّان القديمة وإذا صمتنا على دخول وافتتاح شركات كبرى لأحياء عمّان القديمة مثل جبل اللّويبدة، فإنّ ذلك سيساهم بتدمّير المنتج المحلّي والهويّة البصريّة والاجتماعية للمكان وسكّانه".
وحول الهوية الثقافية للمدينة يقيم "نادي الحوار الفني"، في "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" (الكائن في اللويبدة) بالتعاون مع "حملة محلي"، محاضرة يلقيها الباحث والأكاديمي معاوية إبراهيم، ممثل الأردن في لجنة اليونسكو للتراث العالمي، يتناول خلالها الحفاظ على التراث الثقافي للمدينة، عند السادسة والنصف من مساء بعد غد الأحد، 23 من الشهر الجاري.