كان صاحب كتاب "تفسير الأحلام" شغوفاً بالحضارة المصرية القديمة التي كانت تشكّل الجزء الأكبر من مقتنياته الأثرية، وقد كتب يوماً رسالة إلى زوجته يقول فيها "لقد أتيحت لي زيارة قصيرة إلى القاعة المصرية في متحف اللوفر. يجب أن أزورها أكثر من مرة.. إنه عالم أشبه بالخيال".
"بين أوديب وأبو الهول: فرويد ومصر" عنوان المعرض الذي أفتتح أول أمس الأربعاء في "متحف فرويد" في لندن، ويتواصل حتى الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ويضمّ العديد من القطع الفنية والأثرية التي اقتناها وكتاباته وملاحظاته التي تركها وتتصل بمصر.
اعترف مؤسس علم التحليل النفسي لأحد أصدقائه أنه قرأ في علم المصريات أكثر مما قرأه في علم النفس خلال فترة من حياته، بل إنه استفاد من معرفته هذه في استكشاف وتطوير العديد من مقارباته وطرق العلاج، حيث عُرف عنه استخلاص العديد من النظريات من خلال إطلاعه على الأدب والفنون والآثار.
بالطبع، يندرج اهتمام فرويد بمرحلة راجت فيها حالة من الـ"إيجيبتومنيا" (أو الهوس بالحضارة المصرية) في الغرب بداية القرن العشرين، لكن بالنسبة إليه فإنه لم يكن مجرّد افتتان أو موضوعاً للدرس، بل إن جزءاً مهماً من هذه العلاقة تتعلّق بكتابه الشهير "موسى والتوحيد" الذي يسلّط المعرض المزيد من الضوء عليه.
في هذا الكتاب الذي شكّل صدمة في الثقافة الأوروبية، حينها، ينفي الطبيب النمساوي يهودية موسى الذي يرى أنه كان مصرياً، والذي يرجع فيه ظهور التوحيد إلى العقدة الجنسية الأولى أو إلى الجريمة الأولى في التاريخ البشري وهي جريمة قتل الأب البدائي على يد أبنائه الطامعين في نسائه وسلطته.
كما شكّلت الإلهة المصرية موت (أو موط وتعني الأم) مصدراً أساسياً لأفكاره حول الهوية الجنسية والإبداعية للفنان، إضافة إلى ملاحظاته حول هاجس الموت الذي هيمن على المعتقدات المصرية القديمة وتطوّرها في جميع الحضارات حول العالم التي تأثّرت بها.
يُعرض أيضاً العديد من تماثيل الآلهة المصرية التي اقتناها فرويد، ومجسمات لطيور "البا" (المعروفة بـ حورس با)، وكذلك الجداريات الجنائزية البطلمية، والعديد من المؤلّفات في علم المصريات، والنقوش وأوراق البردي التي تصوّر ملامح الحياة في مصر القديمة.