مقبول فدا حسين.. بحثاً عن الأم والهند

21 مارس 2019
(من أعمال مقبول فدا حسين)
+ الخط -

يعبّر الفنان الهندي مقبول فدا حسين (1915 – 2011)، عن نخبةٍ سعت عشية استقلال بلادها عام 1947 إلى التأكيد على انتماءاتها المتعدّدة داخل الحضارة الواحدة. من هنا، بدأ اشتغاله على الماضي بحثاً عن صيغة تبشّر بـ"الهند الجديدة" التي عليها أن تكون دولة حديثة بهوية جامعة، وفي هذا الإطار جاءت سلسلته الشهيرة "الحضارة الهندية".

"مقبول فدا حسين: عاديات الشمس"، عنوان المعرض الذي يُفتتح اليوم في "المتحف العربي للفن الحديث" ضمن فعاليات "العام الثقافي قطر الهند 2019"، في استعادة لأكثر من مئة عمل للفنان الراحل تتنوّع بين اللوحات الفنية والرسومات وأعمال النسيج والطباعة والأفلام.

المعرض الذي يتواصل حتى نهاية تموز/ يوليو المقبل، يعود إلى بدايات الفنان التي تزامنت مع لحظة عصيبة من تاريخ بلاده المعاصر بعد انفصال الباكستان عنها. انضمّ حسين إلى "رابطة الفنانين التقدميين" في مدينة بومباي، مسقط رأسه، والتي أعلنت مواقفها المؤيدة لدولة علمانية ديمقراطية، ولم يجد صداماً بين انتمائه إلى الإسلام وبين مواطنته.

من أعمال مقبول فدا حسينفقد حسين والدته قبل أن يتجاوز العامين، وكان يعتقد أن اللوحة تشكّل دائماً "محاولة لملء هذا الغياب الأمومي"، بحسب وصفه، في إحالة إلى الأم "شاكتي"، الإلهة في المعتقدات الهندوسية الموجودة في كل كائن وترعاه، إذ ترمز إلى الطاقة الكونية التي يتحد بها، لذلك كانت رسوماته "نوعاً من البحث عنها"، كما يقول في مقابلة صحافية سابقة.

تمّ اختيار الأعمال المعروضة من بين آلاف الأعمال التي أنجزها في حياته، منذ أن رسم ملصقات أفلام سينمائية أثناء عمله في تصميم الألعاب، أول وظيفة عُيّن فيها بعد تخرّجه من مدرسة الفنون، ثم بدأ رسم المناظر الطبيعية، وبعدها رسم لوحات تعكس مفهوم المهرجان كاحتفالية وأشكال الرقص العديدة في الثقافة الهندية عبر تأصيله برموزه ودلالاته في الحضارات المتعاقبة.

يصوّر حسين أيضاً الحياة اليومية في المنزل محمّلاً إياه بمجازات تتعلّق بفكرة تقاسم العيش مع الآخر والاهتمام بالأجيال المقبلة وفلسفة الحياة كرحلة كما تصوّرها الثقافات المختلفة في الهند كلّ وفق منظورها، وتحضر هنا ثلاث مدن رئيسية في أعماله، هي نيودلهي كعاصمة ترمز سياسياً إلى وحدة الهنود، وفاراناسي التي تقع على نهر الغانج كمركز روحي، وكلكتا باعتبارها مدينة الأدب والفنون.من أعمال مقبول فدا حسين

بعد عام 1967، برز كمخرج سينمائي قدّم أفلاماً عدّة، منها "من خلال عيون الرسام"، و"غاغا جاميني"، و""ميناكسي: حكاية ثلاث مدن" التي قام بتأليفها أيضاً إلى جانب فيلم "بهلا سيتارا".

في التسعينيات، تعرّض حسين إلى الهجوم والتضييق عليه بسبب استنكار جماعات هندوسية متشدّدة للوحات يوظّف خلالها رموزاً دينية، ما اضطره للخروج من الهند وإقامته متنقلاً بين الدوحة ولندن التي رحل فيها عن ستّة وتسعين عاماً، غير متنازل عن ثلاثة أمور: "عدم قلقه حيال ما يقوله النقّاد والأصوليون، والعمل بشكل يومي، وعدم ارتداء الأحذية أبداً ليستطيع طوال الوقت الجلوس على الأرض وممارسة الرسم"، على حد قوله.

المساهمون