وليم بليك.. لمّ شمل أعماله وعوالمه

03 فبراير 2018
(مقطع من عمل لـ وليام بليك، من المعرض)
+ الخط -

بعدما قبعت في ظلام القبو في مكتبة "بيتوورث هاوس" في مقاطعة ساسكس جنوب شرق إنكلترا منذ عام 1802 حيث تركها صاحبها، تعرض لوحة لـ الشاعر البريطاني وليم بليك (1757-1827)، وهي واحدة من مفاتيح أعمال الشاعر والفنان للفترة الوحيدة التي عاش فيها خارج لندن، في ساسكس، وامتدت ثلاثة أعوام (1800-1803).

تحت عنوان "رؤى ألبيون" (ألبيون هو أقدم اسم للجزيرة البريطانية) انطلق المعرض في 13 من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي ويتواصل حتى 25 آذار/ مارس المقبل، وإلى جانب اللوحة الملحمية التي أنجزها بليك في ساسكس، يضم المعرض أيضاً خمسين لوحة ورسومات أولية ورسائل ونسخاً نادرة لكتب تعود إلى بليك.

المعروضات الأخرى جرت إعارتها من قبل "المتحف البريطاني" ومتاحف "فيتزويليام" و"فكتوريا" و"ألبيرت" و"تيت" ليكون المعرض المقام في ساسكس أول حدث ثقافي متكامل عن حياة بليك وأعماله البصرية إلى جانب الأدبية، حيث يعتبر المعرض أول "لم شَمل" لأعمال صاحب "زواج الجنة والجحيم" التي توزعتها الصالات وأروقة المتاحف.

ينتمي فن بليك إلى الـ"غوثيك"، ورغم هذه الصفة العامة في أعماله البصرية لكن التنوّع في أساليبه ورؤاه يكشف عن غنى بصري مليء بالتصوّرات القيامية والأساطير وتمثيلات الخير والشر ومخلوقات أنصاف بشر وحيوانات، بل إن مؤرخي الفن يؤكدون على التقنيات الخاصة التي ابتكرها لنفسه، لكي يرسم لوحات مستوحاة من قراءته وتفسيره للكتاب المقدس، كما حاول تقديم عوالم دانتي وميلتون، وظهر في لوحاته تأثره في رسم الجسد بتفاصيل منحوتات مايكل أنجلو.

قليلون من التفتوا لبليك كفنان، فشهرته الأساسية تقدّمه كشاعر، هو الذي كان يقول إن ما يهم حقاً وما له قيمة هو "مخيلتنا" لأنها تخرجنا من أي منظومة تقف ضد الحرية.

في لوحات بليك نعثر على بيانات لمواقفه السياسية والاجتماعية والدينية، الفنان الذي كان ضد العبودية، رسم لوحته الشهيرة "أسود معلّق حياً من أضلاعه في مشنقة"، مثلما عبر عن انتقاده لأي قمع أو تقييد تفرضه الكنيسة.

كانت أعمال بليك الأدبية ستلقى النسيان نفسه الذي لقيته لوحات "الرومانسي الغرائبي والمنعزل" كما أطلق عليه بعض النقّاد، لقد تم تجاهله تماماً بعد موته، لولا أن قام مؤرّخ بريطاني، هو السير ألكسندر غليشرست، بالاشتغال على سيرة صاحب "أغاني البراءة والتجربة"، وكان لنشر كتاب "حياة وليم بليك" تأثير كبير وتحوّل في السمعة الأدبية للشاعر والفنان.

كثير من الشعراء والفنانين اعترفوا بفضل مخيلة بليك وأعماله البصرية والأدبية عليهم، من هؤلاء الشاعر وليم بتلر يتس والفنانين بول ناش وغراهام ساذرلاند، بل استلهم موسيقيون معاصرون أعماله لتأليف مقطوعاتهم مثلما فعل بنجامين بريتن وجون تافينر.

المساهمون