لم تحظ السينما العراقية بدعم حقيقي منذ بداياتها في أربعينيات القرن الماضي، فحصيلة ما أنتجته في عقود لا يتجاوز مئة عمل لاغ غير عُرض معظمها لفترة محدودة وداخل العراق، وغلب على بدايتها الأفلام الغنائية الاستعراضية التي كانت تحاكي مثيلاتها المصرية، وربما لم تشتبك مع قضايا واقعها إلاّ بعد عقدين تقريباً.
ندرة الإنتاج كان يوازيه إقبال شعبي على متابعة أحدث الأفلام العربية والعالمية في أكثر من 80 صالة عرض انتشرت في البلاد قبل أن يُغلق غالبيتها إبّان الحصار المفروض عليها وبعد احتلال بغداد عام 2003، حيث لا وجود لقاعات عرض في معظم المحافظات العراقية، التي -وللمفارقة- شهدت تأسيس مهرجانات سينمائية عديدة في السنوات الأخيرة.
الاختلاف حول صناعة أول فيلم عراقي حُسم لصالح "فتنة وحسن" لـ حيدر العمري (1955) الذي كان عملاً متواضعاً يتناول قصة عشق بحبكة ميلودرامية تنتهي بزواج العاشقين، رغم إنتاج عملين بتوقيع مخرجيْن مصرييْن بمشاركة ممثّلين عراقيين هما: "ابن الشرق" (1946) لـ إبراهيم حلمي، و"القاهرة بغداد" (1947) لـ أحمد بدرخان، ثم تلاهما "عليا وعصام" (1949) للمخرج الفرنسي أندريه شاتان.
بعد 62 عاماً على صناعة الفيلم الأول، يأتي احتفال "دائر السينما والمسرح" في بغداد شكلياً، بإعادة شعارها القديم وهو "الثور المجنح" الآشوري، وإعلانها عن برنامج لا يتضمّن سوى عرض فيلمين، وبعض الفقرات الاستعراضية التي أُعدت على عجل، كما لم توضع حتى اليوم خطّة جدية لدعم الإنتاج السينمائي.
عند العاشرة من صباح غدٍ، يفتتح الاحتفال على خشبة "المسرح الوطني" بلوحة تعبيرية من تصميم وإخراج الفنان فؤاد ذنون، ويعرض فيلما "الحارس" (1967) لـ خليل شوقي، و"الجابي" (1968) لـ جعفر علي، إضافة لعرض فيلم وثائقي عن تاريخ السينما العراقية، ويليه حفل توقيع كتاب "العرّاب محمد شكري جميل" للكاتب مهدي عباس، الذي يتناول تجربة أحد أبرز المخرجين العراقيين في الستينيات والسبعينيات.