تمثال هنيبعل: صُنع في إيطاليا

13 فبراير 2017
(التمثال في متحف باردو، حزيران 2016)
+ الخط -
بصيغ احتفائية، جرى الإعلان في تونس عن "هدية" الرئيسي الإيطالي سيرجيو ماتريلا المتمثّلة في منح تونس نسخة طبق الأصل لأشهر تماثيل القائد العسكري القرطاجي هنيبعل. كان ذلك على إثر زيارة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى إيطاليا الأسبوع الماضي.

الزيارة الرئاسية تضعنا في سياق بروتوكولي يحاول البعض بكثير من الخفة والاستهتار أن يجعلوا منه سياقاً حضارياً. لذلك يجري المرور سريعاً على كون الهدية ليست سوى نسخة حتى وإن كانت مطابقة للأصل. لكن أي أصل؟

لا أحد يتساءل: أية قيمة تاريخية للتمثال؟ هل يغيب على هؤلاء أنه لا يعود إلى العصر البوني الذي شهد حروب هنبيعل مع روما (للمفارقة)، وإنما إلى القرن السادس عشر. أهمية التمثال إذن ليست تاريخية، بل تعود أساساً إلى أنه ومع مرور الزمن أصبح نموذجاً لصورة هنيبعل في التمثّل العالمي، إضافة إلى جماليّته التي لا تنكر.

حركة الرئيس الإيطالي ليست سوى جزءاً من تاريخ "دعائي" للتمثال. ففي تسعينيات القرن الماضي، وضمن احتفالات بانتصارات روما على قرطاج، طلبت الرئاسة الإيطالية من "متحف نابولي" أن يجري عرضه في قصر كوينرال الرئاسي في روما. وفي أيار/ مايو 2016، جرت إعارة التمثال (الأصلي) إلى تونس حيث عرض في القصر الرئاسي (في قرطاج، مفارقة أيضاً) ثم في متحف باردو. إلى أي حدّ شكّل ذلك حدثاً ثقافياً؟.

هكذا، وبدل الاحتفاء بالهدية الإيطالية، ألم يكن أجدى أن يجري تصميم تمثال يليق بهنيبعل في تونس، تمثال من موطنه الأصلي؟ ولماذا يجرى انتظار التمجيد الإيطالي به في خطاب رسمي جاهز كي نتحدّث عن قيمة القائد القرطاجي؟ أليس ذلك من مؤشرات استسلام لمركزية تتمظهر في أشكال أخرى، فأضخم كتب السيرة والأفلام عن هنيبعل وضعها إيطاليون، فيما ينظر التونسيون إلى هذه الأعمال فقط كاعتراف إيطالي بعبقرية عدوّهم. بماذا ينفع هذا الاعتراف، إذا كانوا هم صانعي صورته؟

المساهمون