ثيربانتس.. الأسير ومشاهداته العربية

22 ابريل 2016
(دون كيخوتي في عمل لـ ميشيل بروس ويلسون)
+ الخط -

تحلّ، اليوم، الذكرى المئوية الرابعة لرحيل ميغيل دي ثيربانتس (1547 - 1616)، أبرز كتّاب الإسبانية، والذي أسّست روايته "دون كيخوتي دي لامانشا" قواعد الرواية الحديثة في أوروبا.

وُلد ثيربانتس في منطقة قريبة من مدريد يُطلَق عليها اسم، ألكلا دي إيناريس، والتي يُشير اسمها القديم، "قلعة النهر"، إلى الحضور العربي في حياة الكاتب الإسباني.

يبرز هذا الحضور في "دون كيخوتي"، التي صيغت كقصّة مترجمة عن مخطوط عربي عثر عليه ثيربانتس في سوق بمدينة طليطلة، كان قد كتبه شخص يُدعى سيدي حامد البرنخيني، أو سيدي أحمد الإنجيلي، وفق بعض الدراسات الحديثة. يسرد العمل قصصاً واقعية؛ حيث تعاقد مع مترجم موريسكي من أجل ترجمتها إلى الإسبانية، لأنه لا يجيد العربية.

هذه الجزئية في الرواية قد تحيلنا إلى معان عميقة؛ أبرزها أن شخصاً عربياً كتّب قصّة، وأن كاتباً إسبانياً عثر عليها، وتعاقد مع موريسكي لترجمتها إلى الإسبانية. وإذا استعدنا واقع إسبانيا في القرون الوسطى، سنجد أن هذه الحادثة تتطابق معه، فالعرب كانوا متفوّقين في العلوم والآداب، وبعد سقوط غرناطة سنة 1492، انطلقت عملية واسعة لترجمة تلك العلوم، خصوصاً في طليطلة، وكان أغلب المترجمين من اليهود الذين يتقنون العربية، أو من الموريسكيين أنفسهم.

كما تحضر الجزائر في كتابات ثيربانتس، إذ تعرّض، في معركة خاضها، للأسر من قبل قراصنة الإمبراطورية العثمانية، بحسب سرده لها، واقتيد إلى سجن في الجزائر؛ حيث قضى خمس سنوات، ما بين 1575 و1580.

أرّخ ثيربانتس لهذه الواقعة في كتاباته؛ بدءاً بروايته الأولى "لا غالاتيا". وتحضر أيضاً في مسرحيته "معاهدة الجزائر"، التي كتب فيها هذه الأسطر: "حين وصلتُ أسيراً ورأيت هذه الأرض المعروفة باحتضانها كثيراً من القراصنة، لم أستطع منع نفسي من البكاء". كما وردت في "قصة الأسير"، في الفصلين الـ 39 و41 من الجزء الأول، من "دون كيخوتي".

في أعماله، يحضر فضاء عربي آخر، هو سجن "المطامر" في مدينة تطوان شمال المغرب، الذي حوكم فيه آلاف الأسرى المسيحيين، خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وفق روايات تاريخية. بعض هؤلاء كانوا معتقلين في الجزائر كذلك، حيث تعرّفوا إلى ثيربانتس خلال فترة أسره، ورووا له ما تعرّضوا إليه في "المطامر".

تُوجَد إشارات إلى هذا السجن في "دون كيخوتي"، وفي المسرحية الهزلية القصيرة، "قاضي الطلاق"، التي تروي قصّة أسير يهرب بأعجوبة من السجن المذكور. أمّا تطوان، فحاضرة أيضاً في بعض مؤلّفاته الأخرى؛ مثل مسرحية: "معاهدة الجزائر"، ومسرحية "السلطانة العظيمة"، ورواية "الخادمة كريمة الأصل".

دلالات
المساهمون