هموم شعرية: مع إبراهيم زولي

07 يوليو 2024
إبراهيم زولي
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الهاجس الحالي للشاعر السعودي**: يعبر الشاعر عن تأثره العميق بأحداث غزة، حيث تملأ الأخبار غرفته بالدموع السوداء والغازات السامة والجثث، مشيراً إلى أن الدم والكتابة يسيران في اتجاهين مختلفين.

- **علاقة الشاعر بالقارئ والنشر**: الشاعر لا يهتم بفكرة المتلقي ولا يسعى لاستجداء التصفيق، ويعترف بأن الناشر المثقف لم يعد موجوداً، حيث يهتم الناشرون بالربح المادي فقط، ويؤكد على أهمية النشر في المجلات والجرائد.

- **الشعر العربي والترجمة**: يرى الشاعر أن الشعر المترجم أضاف للشعرية العربية، خاصة في قصيدة النثر، ويأمل في تجديد الشعر العربي والتعبير عن الإنسانية، مشيراً إلى أهمية استعادة الشعراء العرب الكبار.

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته، لا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته. "أتمنّى أن يستمرّ الشعر العربي في تجديد ذاته والتعبير عن الإنسانية جمعاء"، يقول الشاعر السعودي.



■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- في كلّ يوم، ومنذ نحو تسعة أشهر، عقبَ سماع نشرات اﻷخبار، ترشح شاشة التلفاز دموعاً سوداء وغازات سامّة وجثثاً تملأ أرضيّة الغرفة. أقول لك إنّ الدّم في جهة والكتابة في جهة أُخرى. ربّما يكون الدم إلى الفردوس أسرع.


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟

- فكرة المتلقّي لا تغويني. المبدع الذي يستجدي التصفيق، أو يكتب وعينه على المتلقّي، لا يُحترم نصُّه، حيث ‏لم يعُد الشاعر ذلك "النبيّ" أو الحاوي الذي يسعى إلى معنى أو فكرة جديدة لإيصالها إلى المتلقّي. تخلّى الشاعر عن دوره التقليدي في الذهنية العربية، أو بمعنى أدقّ، المهمّة التي كانت على عاتقه هي التي تخلَّت عنه باتجاه وسائط وأقنية أُخرى.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟

- أعترف بأنّ الناشر المثقَّف والمتنوّر لم يعد موجوداً في المشهد الثقافي العربي. أغلب الناشرين أشبه بالورّاقين، لا يعرف من محتوى الكتاب الذي سيطبعه إلّا كم سيجلب له من مال، ولا يعنيه، من قريب أو بعيد، المنجز المعرفي الذي سيضيفه للناس. هذا قد يختصر علاقتي بالناشر.

الناشر المثقّف لم يعد موجوداً في المشهد الثقافي العربي

■ كيف تنظر إلى النشر في المجلّات والجرائد والمواقع؟

- جُلّ الكتّاب العرب تعرّفنا عليهم عبر زواياهم في الصحف والمجلّات، وهذه الظاهرة التي تمتدّ لأكثر من قرن، ليست بدعة عربيةً، بل هي ظاهرة عالمية، إذ تجد روائياً بقامة دوستويفسكي نشر فصول روايته "في قبوي" في إحدى المجلّات قبل أن يدفع بها إلى المطبعة. وعربياً، نشر نجيب محفوظ فصولاً من رواية "أولاد حارتنا" في جريدة "الأهرام"، قبل أن تصدر في بيروت، والمفارقة الطريفة أنّها مُنعت من النشر في القاهرة بعد أن نُشرت في الصحيفة. النشر مهمٌّ جدّاً لكلّ كاتب، صغيراً كان أم كبيراً، ليكتشف نفسه قبل أن يلتقي القرّاء.


■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟

- وسائل التواصل الاجتماعي فضاء مفتوح لكلّ كتابة، غثّها وسمينها، جيّدها ورديئها، وهذا الفخّ قلَّما تجد شاعراً أو مثقّفاً نجا من شراكه، وأنا واحد من هؤلاء. أثر ذلك ضبابي وملتبس، إذ لا يمكن أن تعرف الصدى الحقيقي لما تنشره، ذلك أنّ ثمّة من يحظى في مواقع التواصل، فيسبوك وإكس، بشهرة ومقروئية أكثر من منجزه، إلّا أنّه بريق مستعار، وظلّ عابر، ووهج آني ومرحلي، لا يلبث أن يزول.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟

- قلّةٌ أولئك القرّاء، وأقلّ منهم ذلك الذي يقرأ الشعر باعتباره همّاً يومياً، ويتابع بشغف الآفاق التي بلغتها القصيدة الجديدة. لستُ مبالغاً إذا قلت حتى الشّعراء لم يعُودوا يقرأون الشعر. قرأتُ عبارة جارحة وموجعة من كتاب "هنا والآن"، لبول أوستر، وجي إم كوتزي، تقول: "‏لم يعُد أحد يؤمن أنّ الشعر (أو الفنّ) قادر على تغيير العالم. الشعراء الآن في كلّ مكان، ولكنهم لا يكلّمون إلّا بعضهم بعضاً". هذه قد تختصر تلك الحقيقة.


■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟

- من الصعب أن نُطلق مثل هذا النوع من الأحكام من دون دراسة أو استقراء. بيد أنّ الشعر المترجَم قدّم إضافات للشعرية العربية لا يُمكن لأحد أن ينكرها، لا سيما في قصيدة النثر، وفتح نوافذ وعوالم لم نكن لنعرفها لولا الترجمة، على الرغم من تأخّر العرب في هذا الحقل، وحتى لو كانت الترجمة خيانة مشروعة، أو قبلة من خلف زجاج.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟

- لا أدري لو كانت لدينا إجابة دقيقة، وإن جزمنا واستقرّ في ضمائرنا أنّ الشعر العربي ينفرد بالغنائية والصوت العالي، حيث ارتبط تاريخياً بالإنشاد، فإنّ الإجابة عن هذا السؤال لا تتأتّى إلّا لمن قرأ لأكثر شعراء العالم بلغتهم، ليتمكَّن من إدراك الظواهر والفروقات بين كلّ نسق شعري. لكن القصيدة العربية، منذ النصف الثاني من القرن الفائت، اشتبكت مع أغلب النصوص العالمية وامتاحت من ينابيعها.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟

- ما يُؤسف له، أن تجدَ أحدهم يُردّد مقاطع لسان جون بيرس، وهو لم يتصفّح ديوان المتنبّي، أو يقرأ لرامبو من دون أن تمرّ على شرفته إشراقات المعرّي وتراكيب أبي تمام.


■ ما الذي تتمنّاه للشعر العربي؟

- ببساطة، أن يستمر في تجديد ذاته والتعبير عن الإنسانية جمعاء. وأن يظلّ مصدراً وباباً للتأمّل.



بطاقة

شاعر وكاتب سعودي من مواليد مدينة ضمد بمنطقة جازان عام 1968. حاصل على إجازة في اللغة العربية وآدابها. عمل في التدريس. صدرت له تسع مجموعات شعرية، من بينها: "رويداً باتجاه الأرض" (1996)، و"رجالٌ يجوبونَ أعضاءنا" (2009)، و"قصائد ضالّة: كائنات تمارس شعيرة الفوضى" (2010)، و"من جهة معتمة" (2013)، و"حرس شخصي للوحشة" (2015). تُرجم عددٌ من نصوصه إلى الإنكليزية والفرنسية.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون