سمية السوسي: الجلوس على حافة غزة

17 فبراير 2016
(سمية السوسي)
+ الخط -

تعتبر سمية السوسي، في حديثها إلى "العربي الجديد"، أن للمشهد الشعري في غزة، خصوصية وظروفاً تجعله مختلفاً عن أي مشهد آخر. تقول الشاعرة التي ولدت في غزة عام 1974 وما زالت تعيش فيها: "تظهر مجموعة من الأسماء الواعدة التي تنطلق في مجال الكتابة وتتميز لفترة ما، وبعد فترة زمنية قصيرة تختفي وتصبح باهتة". تخصّ السوسي بهذا الحضورَ النسوي، وترجع السبب إلى "عدم تأصّل فكرة الكتابة في ذات الكاتب أو الكاتبة، وعدم تشكيلها هاجساً يومياً وذاتياً يدفع إلى الاستمرار".

تشير السوسي إلى أسباب تجعل الحضور الأنثوي خجولاً في غزة، منها "نظرة المجتمع للمرأة المبدعة وتحديداً الشاعرة، تلك النظرة التي لم تتغير كثيراً على مدى السنوات، واعتبار الكتابة هواية أو تسلية، وعدم التعامل معها كهم حقيقي يقتضي الانشغال به وتطويره وصقله باستمرار".

وعن العقبات التي واجهتها، تقول إنها "نفس العقبات التي تواجه أي إنسان من غزة يسير في طريق الكتابة، من انعدام لدور النشر وعدم وجود المتلقي الجيد وعدم الإقبال على القراءة بشكل عام في المجتمع"، كما تلفت إلى مشكلات واجهتها مثل التشكيك بموهبتها وقدرتها على الكتابة كامرأة، كما جرى نسب ما تكتبه إلى الذكور، في بداية دخولها عالم الكتابة، تتابع: "أضف إلى ذلك الشائعات والنميمة التي تزداد مع كل نشاط جديد أو إصدار، وهي أمور تسبب الإيذاء النفسي".

رغم ذلك، تؤكد السوسي لـ "العربي الجديد": "الشعر هو المرادف لحريتي وصوتي ورؤيتي للعالم. به عرفت الكثير، وكلما توغلت فيه أكثر أجدني ما زلت على حافة الطريق. الشعر امتزاج الصورة والفكرة بروح الكاتب وغوصه العميق لإدراك المتخيل".

تعتمد السوسي على الكتابة المقطعية، وتعلّل لجوءها إلى هذا الأسلوب بنظرتها تجاه العالم والأشياء، ومحاولاتها الدائمة لتركيب الصور، فكل مقطع يحمل فكرة جديدة. الأمر عندها يشبه لعبة تركيب الصور، لكنه أكثر تعقيداً عند محاولة إيجاد الرابط الخفي الذي ينظم القصيدة في وحدة واحدة.

تقول حول طغيان الصورة على تركيب قصيدتها: "أنا لا أرى في هيمنة الصورة غرقاً في المتخيّل بقدر ما هو محاولة رسم بالمفردات، وهذا أمر جيد في نظري. تشابك الأفكار واختلافها يشكّلا تحدياً دائماً أمامي، ومحاولة صياغة هذا التحدي وتفكيكه وإخراجه بشكل شعري يكون أكثر قرباً من خلال الصور والتراكيب".

السوسي التي حصلت على بكالوريوس تربية لغة إنجليزية من "جامعة الأزهر" في غزة تتحدّث عن حضور الرجل والأنثى في نصوصها، في سياق محاولة معرفة نفسها عبر الكتابة، ومحاورة الجانبين الأنثوي والذكوري داخلها. وترى أن النسوية جاءت رداً طبيعياً على الهيمنة الذكورية، لكنها ليست مع المغالاة في هذا التوجه، والنظر إلى علاقة المرأة والرجل فقط ضمن هذا المنظور، فالحياة الإنسانية أكثر رقياً وشمولية من حصرها في مجموعة من الأدوار الاجتماعية.

تعتبر السوسي نفسها كاتبة إنسانية تعبّر عما تريد قوله بوصفها إنساناً بالدرجة الأولى، وتهتم فقط بالفكرة التي تريد البحث فيها ومعرفتها وإضاءتها من جوانبها الأنثوية والذكورية.

وفي ما يخص المشهد الشعري العربي، ترى أنه يعاني من "خمول وانحسار، نتيجة لوجود كم هائل من الأسماء التي تعتقد أنها تكتب شعراً، ولعل وسائل الاتصال الحديثة ساهمت بشكل كبير في هذا الأمر، فضلاً عن المديح المتواصل للرداءة، وكأن هناك اتفاق على قتل الذائقة".

صدرت لسمية السوسي عدة مجموعات شعرية، بدأت مع "أول رشفة من صدر البحر" (1998) ثم تلتها مجموعتا "أبواب" (2003) و"وحدها وحدي" (2005)، كما أصدرت عملاً مشتركاً مع هلا شروف بعنوان "سأتبع غيماً/فكرة.. فراغ أبيض"، كما تُرجمت بعض نصوصها إلى الإيطالية والفرنسية والإسبانبة.


اقرأ أيضاً: تيسير البطنيجي: رسائل مختصرة

المساهمون