"أسطور" 3: إشكاليات كتابة التاريخ الإسلامي

17 فبراير 2016
طارق العابد/ تونس
+ الخط -
منذ سنوات، انفتحت البحوث التاريخية في العالم على العديد من المجالات العلمية الأخرى، مثل الأنثربولوجيا والفينومونولوجيا وغيرها. هذا الانفتاح لم يصل إلا أقله إلى العالم العربي، ولعل في الترجمة محاولة لسدّ هذه الفجوة.

تحاول مجلة "أسطور" المحكمة التي تصدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" أن تلبي هذا المطمح للباحثين العرب؛ حيث نشرت في عددها الجديد دراستين مترجمتين تمكّنان المشتغلين العرب في ميدان التاريخ من مواكبة جديد البحوث في العالم، إضافة إلى إفساحها المجال للدراسات باللغة العربية وعروض الكتب.

يتضمّن العدد أيضاً حواراً مع المؤرّخ المصري محمود إسماعيل عبد الرازق، ومحاضرة ألقاها المؤرّخ التونسي هشام جعيّط على هامش ندوة نظمّتها المجلة حول "التحقيب في التاريخ العربي الإسلامي" عقدت في كانون الأول/ ديسمبر 2015.

"دراسات التابع والتأريخ ما بعد الكولونيالي" بحث مترجم أنجزه ديب تشاكرابارتي، وقد نقل البحث إلى العربية ثائر ديب. تسلّط الدراسة الضوء على ما يُعرف بدراسات التابع التي تهتم بطرح أسئلة حول الكتابة التاريخية نفسها، ومثلت افتراقاً جذرياً عن التقاليد التأريخية الماركسية الإنجليزية. تضيء الدراسة كتابات يمكن عدّها النصوص المؤسِّسة للمشروع، من أجل تبيان أنَّ دراسات التابع لم تكن مجرد أخذٍ لطرائق البحث التاريخي التي سبقتها

الدراسة المترجمة الثانية بعنوان "استعمالات البيوغرافيا" لـ جيوفاني ليفي، نقلها إلى العربية وقدّم لها محمد الطاهر المنصوري. تضيء هذه الدراسة الجوانب غير المكتشفة في مجال دراسة البيوغرافيا (السيرة) في صلتها بالعلوم الاجتماعية والعلاقات بين المعايير والسلوك من جهة، والجماعات والأفراد من جهة أخرى.

 البحوث العربية الصادرة في هذا العدد سيطرت عليها مواضيع التاريخ الإسلامي، مثل "دستور المدينة: قراءة في تاريخ النص"، حيث يقدّم كاتبها، عمرو عثمان، تفسيرات "وثيقة المدينة" على مدار أربعة عشر قرناً من التاريخ الإسلامي. كما نقرأ دراسة يوسف نكادي "بعض قضايا تنظيم المجال الحضري في قرطبة من خلال كتاب الأحكام الكبرى لابن سهل"، التي تتصدّى لمقولة غياب العقلانية وضعف مستوى تنظيم المجال الحضري التي روّج لها بعض الباحثين الغربيين، من خلال استقراء تخطيط مدينة قرطبة. كما نجد دراسة بعنوان "المقاييس الدقيقة في بلاد المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط " لمحمد عمران يزريفي.

باب الدراسات، يتضمن أيضاً دراسة في التاريخ المعاصر بعنوان "القمح ومشروع الاستقلال عند محمد علي باشا" لناصر سليمان، وأخرى في التاريخ القديم بعنوان "مُلاحظات حول مناخ المغرب القديم" لسمير آيت اومغار، حيث يرصد النقائص  لمنهجية والوثائقية في دراسة التاريخ القديم للمغرب مبيناً علاقة ذلك بالخلفيات الاستعمارية.

وفي باب مراجعات الكتب، نقرأ مراجعة شمس الدين الكيلاني لكتاب إبراهيم القادري بوتشيش "خطاب العدالة في كتب الآداب السلطانية"، ومراجعة يحيى بولحية لكتاب "السجن والسجناء، نماذج من تاريخ المغرب الوسيط" وغيرها.

أما في باب "وثائق ونصوص"، فيقدّم العدد دفتراً عثمانياً أعده مصطفى أوزتوركو نقله إلى العربية سهيل صابان "وهو عبارة عن إحصاء سكّاني لمدينة دمشق، جرى في عام 1086هـ/1675–1676م".

محاضرة جعيّط التي تضمنها العدد تحمل عنوان "التاريخ الإسلامي بين الرؤية الاستشراقية والرؤية من الداخل"، وقد قدّم لها عزمي بشارة معرّفاً بأعمال جعيط؛ حيث وصفه بـ "أحد أهم المؤرّخين العرب"، فهو "مفكّر ومؤرّخ في الآن ذاته". يعود المؤرخ التونسي إلى ثلاثيتيه حول السيرة النبوية عائداً من خلالها إلى إشكاليات كتابة التاريخ الإسلامي. 


اقرأ أيضاً: أسطور 2: تفكير في أسئلة الزمن الراهن

المساهمون