مكتبات الأدباء.. سير منفصلة

13 فبراير 2016
(مكتبة ريتشارد إيه. ماكزي الخاصة وتضم 70 ألف كتاب)
+ الخط -

لا يذكر التاريخ الكثير من الأدباء العرب الذين تبرّعوا بمكتباتهم في حياتهم أو أوصوا بها بعد رحيلهم لمؤسّسة أو جهة ما. كما لا يذكر التاريخ الحديث أيضاً أمثلة لجامعة عربية في أي بلد كان، عرضت أن تقتني مكتبة هذا الكاتب أو ذاك، في أي حقل أنتج ومهما كان تأثيره.

النوايا معقودة هنا وهناك، نسمعها من ورثة الأدباء والمفكّرين، ولكن لا أحد منهم يقوم بخطوة فعلية.

كما أننا لا نعرف الكثير عن مكتبات المفكّرين والكتّاب العرب، كأن طبيعة الكتابة حول الثقافة العربية لا تجد أن مثل هذه التفاصيل مهمّة.

بالمقابل نجد مقالات تؤرّخ لمكتبات أدباء ومفكّرين وفلاسفة، كم كتاباً فيها؟ ما هي كتبهم المفضّلة؟ بل إن هناك مقالات تضع مراجعات لتعليقاتهم على هوامش الكتاب الذي يقرؤون.

بفضل هذه المقالات، نعرف معلومات تؤثّر في نظرتنا إلى هذا الكاتب أو ذاك، تدفع البعض للقراءة والبعض لاقتناء كتاب بعينه، فالقراءة تجرّ القراءة.

بفضل تأريخ التفاصيل الشخصية للأدباء، نعرف مثلاً أن عالم الرياضيات جون دي يمتلك 2337 كتاباً و378 مخطوطاً نادراً في مكتبته الخاصة، وبعد وفاته سنة 1608 قام عالم الآثار روبرت كوتون بإجراء حفريات حول وأسفل منزله ظنّاً منه أن دي قد دُفن مخطوطات ثمينة وتاريخية.

وكان الفيلسوف الفرنسي ميشيل دو مونتان يمتلك تسعمئة كتاب، حفظها في أرفف مصمّمة على شكل أنصاف دوائر، وكان الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط يمتلك أربعمئة كتاب.

بالنسبة لمكتبة الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير فقد امتلأت بكتب الروائية الفرنسية جورج صاند وبأكثر من نسخة للكتاب الواحد، وكانت هي الكاتبة الأكثر حضوراً على أرففه. أمّا الروائية البريطانية فرجينيا وولف فامتلكت في مكتبة منزلها أربعة آلاف كتاب.

يُقال إن كتاب الشاعرة الأميركية إميلي دكنسون المفضّل، والذي يبدو أنها قرأته مراراً، كان نسخة من الإصدار الأول لـ "حياة شارلوت برونتي" من تأليف كليغورن غاسكيل. أمّا إف. سكوت فتزجيرالد، فقد كان كتابه المفضّل "باريس التي ليست هي" لـ بازل وون بنسخة 1926.

صاحب "يوليسيس"، الروائي الإيرلندي جيمس جويس، كان يقرأ باستمرار في كتاب "في باريس وعنها" أحد أقرب الكتب إليه وهو للكاتبة سيسلي هادلستون. ومن الكتب التي يذكرها الروائي التشيكي كافكا في أوارقه، كتاب صديقه ماكس برود، الذي امتلك كل مؤلّفاته، وخص بالذكر "جمال الصور القبيحة".

الروائية الأميركية ويلا كاثر قرأت رواية مغامرات هكلبيري فين لمارك توين 20 مرة، ورواية "سلامبو" لـ فلوبير 13 مرة. أمّا الكاتبة جونا بارنز، فقد ورثت جامعة ميرلاند مكتبتها الضخمة. أجرت بارنز مجموعة من أهم اللقاءات لمجلة "باريس رفيو"، من بينها مقابلة مع جيمس جويس، وهي من القليلات اللواتي تمكنّ من مقابلته، ورغم أنها أجرت العديد من الحوارات المهمّة في تاريخ "باريس رفيو" إلا أن المجلة لم تقابلها هي أبداً. وفي جامعة ميرلاند أيضاً نعثر على مكتبة الكاتبة الأميركية كاثرين آن بورتر التي ضمّت أربعة آلاف كتاب.

وبعد خمسة أعوام من وفاة الروائية البريطانية آيريس مردوخ، بيعت مكتبتها بقيمة 120 ألف جنيه استرليني لمكتبة كينغستون. أما مواطنتها دوريس ليسينغ فقد تبرّعت بكتبها لمكتبة مدينة هراري في زمبابوي.

ومن أكثر المكتبات شهرة، مكتبة الباحث الأميركي في الإنسانيات ريتشارد إيه. ماكزي، والتي تضم سبعين ألف كتاب، من بينها مخطوطات نادرة من أعمال فوكنر وبروست وهنري جيمس وآخرين.


اقرأ أيضاً: مكتبات الكرامة.. أجل الفقراء أيضاً يحبون القراءة

المساهمون