علي شحرور في "موت ليلى": رقصات وداع

11 ابريل 2015
(تصوير: ماركو بيناريلي)
+ الخط -

على إيقاع "لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله"، يفتتح المخرج والكوريغراف علي شحرور مسرحيته الجديدة التي انتهت عروضها الأسبوع الماضي على خشبة "مسرح المدينة" في بيروت. "موت ليلى" هي مسرحيته الثانية التي تبحث في طقوس الموت بعد عمله "فاطمة" العام الماضي.

غير بعيد عما فرضه الواقع السياسي الجديد من ضياع لبعض المفاهيم العامة؛ كالشهادة والبطولة، حاول شحرور التعبير عن تشتت المفاهيم من خلال معالجته للموروث الفني الشعبي في الرثاء والندب، وتحديداً الموروث الشعبي في الجنوب اللبناني (مسقط رأس ليلى)، إذ نقله إلى الخشبة مسلطاً الضوء على جماليات هذه الطقوس، في سعي منه إلى إلغاء العزلة بين الواقع والفن، على حدّ تعبيره.

في هذا العمل، ليلى لم تمت، بل أنهت العرض الأخير من مسرحية شحرور لتعود إلى حياتها الطبيعية، فهي ندّابة؛ ندّابة حقيقية وضعها المخرج على خشبة المسرح من دون أي تعديل على شخصيتها الحقيقية؛ ما خلق فرقاً حسيّاً لدى المتلقي بين ليلى (الحقيقية) وبقية الممثلين.

لم تكن الخشبة مكتظة بالأشخاص، كما هو الحال عند الموت الحقيقي، بل اكتفى شحرور في عرضه بشخصيتين رئيسيتين (ليلى وشحرور)، إضافة الى العازفَين (عبد قبيسي على البزق، وعلي حوت على الإيقاع) اللذين شاركاه بدورهما في بعض المشاهد كممثلين وراقصين.

تدور أحداث العرض حول مفهوم الشهادة والبطولة في التقاليد العربية، والجماليات التعبيرية الخاصة في حركة أجساد النساء عند الفاجعة، متحررة من بعض القيود التي يفرضها عليها المجتمع في الأوقات الطبيعية.

كاد العرض أن يكون خالياً من الحوارات؛ إذ اقتصر على المحاورة الفردية التي قامت بها ليلى مع من ماتوا، إضافة إلى حوارات الرقص واللطم بين ليلى والميت، رافقتها بعض المواويل والعتابا.

الرقص هنا، الذي أدّاه شحرور، بدا صوفيّاً وحالماً. ولم تكن إيقاعات الطبول لتلعب دوراً صوتيّاً وحسب، وإنما أدّت وظيفة بصريّة أيضاً عبر انسجامها مع الرقصات المستوحاة من طقوس اللطم في ذاك التراث؛ ما جعل العرض سلسلةً من المشاهد البصرية والصوتية التي سارت معاً بالتوازي، لتعّزز البناء الدرامي للعمل.

تجلس ليلى في زاوية الخشبة، وتبدأ بسرد قصتها الحقيقية مع الموت وعلاقتها به، وكيف أنه أحاط بها من كل مكان. فتروي كيف فقدت والديها ثم أختها الكبرى وابنها، وأخيراً زوجها البعلبكي. ثم تروي كيف بقيت وحيدة ترافقها العتابا والمواويل التي صاغتها للموتى، وكيف تفكر في هؤلاء من خلال الأساطير التي تُحاك حول الأيام الأولى من غيابهم كما تصفها الروايات الشعبية.

دلالات
المساهمون