إن كان فنّ الهايكو الشعري قادراً على تمثيل الإنتاجات الثقافية اليابانية في العالم، فلأنه يُعطي صورة عنها وعن تعلّقها بالتفصيليّ والمينيمالي، وبحثها عن استخراج الجمالي من ضآلته، أو تكديس الكثير منه في مساحة صغيرة، سواء أكان ذلك يتعلّق بالشعر، أم بالأعمال التشكيلية، أم حتى بالبسْتنة.
هذا الفهم المينيمالي ينطبق على عدد من التجارب الفوتوغرافية اليابانية المعاصرة، ومنها تجربة المصوّر ياماتو ماساو (1957)، الذي تتركّز أعماله على عوالم مصغّرة غالباً ما لا يتجاوز عدد العناصر فيها راحة اليد الواحدة، كما هو الحال في معرضه الباريسي الذي انطلق مطلع تموز/ يوليو الماضي في "غاليري كاميرا أوبسكورا"، ويستمرّ حتى الخامس والعشرين من أيلول/ تموز الجاري.
يحمل المعرض عنوانَ "عالم في راحة اليد"، وهو استمرارٌ لمشروع بدأه الفنّان قبل سنوات، وشكّل موضوعاً لكتاب أصدره باليابانية عام 2019، بعنوان "قطرة ماء في راحة اليد"، حيث تشكّل شُجيرات البونساي محوراً لأغلب أعماله التي تُظهر جوانب مختلفة من هذه الشجيرات في فصولٍ وحالات مختلفة.
قام ياماتو ماساو، بحسب منظّمي المعرض، بتصوير هذه الشجيرات تارةً في الطبيعة، وتارةً في الاستوديو الخاص به، لكننا في الحالتين نعثر على فهمه لهذا الفن الضوئي، حيث التقشّف بالألوان والعناصر الشيئية أو الطبيعية الحاضر داخل إطار الصورة، والاكتفاء بضوء خفيف أو هشّ في أغلب الأحيان، يحوّل الشُجيرات التي يصوّرها الفنان إلى موضوعات تُقيم خارج فِعل الزمن، رغم تأثرها به.
إلى جانب صور من سلسلة "قطرة ماء في راحة اليد"، شاء منظّمو المعرض الباريسي استعادة عدد من اشتغالات ماساو السابقة، ولا سيّما من سلاسل فوتوغرافية مثل "شيزوكا" و"كاوا" و"ناكازورا"، حيث يصوّر عناصرَ من الطبيعة إمّا في لحظة تحوّلها، كالأغصان حين تكسُّرها، أو الدوّامة الهوائية لحظة الإعصار، أو في لحظة معلّقة أيضاً خارج الزمن، كما هو الحال بصور الحجارة التي تقدّمها عدسة كاميرته في بورتريهات بالأسود والأبيض.