تقف هذه الزاوية مع شخصية ثقافية عربية في أسئلة حول انشغالاتها وجديد إنتاجها وبعض ما تودّ مشاطرته مع متابعيها. "أحاول دائماً أن ألتقط اللحظة، أن أرسمها، تماماً كمثل الشاعر الذي يكتب قصيدته في لحظة"، تقول الفنانة التشكيلية لـ "العربي الجديد".
■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
- في عتمةِ هذا العالم ثمّةَ مساحات غامضة ما زلتُ أتبعها حتى يومي هذا. هناك الكثير من الفنّ في رأسي، والتشكيلات. وكمثل أنواع الخلق كلّها، أحاول أن أنقلَ هاجسي الذي يدور في رأسي بأشكال وصيغٍ لا أريدُ من خلالها إلّا أن أعبّرَ، قدر استطاعتي، عن مكنوني، عمّا يوجد بداخلي، عن قلبي، وأن أجدَ وسط هذه العتمة ضوئي الخاص، طريقي.
■ ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملكِ القادم؟
- في الواقع يصعب عليّ أن أتحدّث عن آخر لوحة أو عمل لي، أو حتى عن مشروعي القادم، ذلك أنَّ الوقت كلّه تشكيلٌ ورسمٌ وخلقُ أشكال. الوقت كلّه عملٌ. أحاول دائماً أن ألتقط اللحظة، أن أرسمها، تماماً كمثل الشاعر الذي يكتب قصيدته في لحظة. هكذا أرسم لوحتي كأنني أكتب قصيدة. هكذا أرسم لوحتي كأنني أعانق كلّ دقيقة. ولكن كي أُجيبَ عن السؤال أستطيع أن أقول إنني الآن في عملية بحث عمّا هو مُبهَم وغامض من الأشكال التعبيرية. قد يكون مشروعي القادم كلّ ما هو مُبهَم وغامض في الفنّ.
■ هل أنتِ راضية عن إنتاجك ولماذا؟
- أعتبر نفسي دائماً في مرحلة التعلّم. ما زلتُ أتعلّم، وأنا قلقة دائماً، لكنْ مع هذا، فأنا راضية عن كلّ ما يُنتجه قلبي، لأنه يعبّر عني في نهاية المَطاف.
■ لو قيض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
- المسار نفسه، ولا يُمكن معرفة احتمالاته بدقّة.
■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- أنتظرُ البديهيات: إنسانية الإنسان.
■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- أعتقد أنني أتمنّى أن أقابل الفنان الهولندي فان غوخ. قد يعود ذلك إلى عملية البوح الداخلي التي أحاول أن أنقلها في أعمالي. ربّما كي نتشارك بوحنا مع قليل من التفاصيل الذاتية. ربّما لكي نعرف مأساتنا، ربّما كي أتعرّف على محنته ويتعرّف على محنتي. قليلة هي الأعمال الفنية التشكيلية التي تَنتُج عن محنة الفنان. وأمام غوخ، سأكون، بلا شك، أمام فعل المحنة الصادم.
■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
- جدّتي في واسط (العراق)، لأعرف حكايا أكثر عن عراقي. أما فيما يخصّ الكُتب، في الحقيقة، هناك ثلاثة كتب ترافقني دوماً: "مغامرة العقل الأُولى" لفراس السواح، و"المخطوط القرمزي" لأنطونيو غالا، و"تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي" لميشيل فوكو.
■ ماذا تقرأين الآن؟
- أقرأ كلَّ شيء حتّى ما ليس لغوياً. ولكنّني حالياً أقرأ رواية "رؤى لوكريثيا" للكاتب الإسباني خوسيه ماريا ميرينو. إنها رواية تكسر الحواجز بين الواقع والخيال، وهي تتحدّث عن مصير أولئك الذين يجرؤون على الحُلم.
■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أسمعُ دائماً الموسيقى الكلاسيكية، والموشّحات الأندلسية وأغاني من التراث العراقي. أحبُّ أيضاً، بشكلٍ خاصّ، سماع إيقاعات العازف والملحّن التونسي أنور إبراهيم. أعتقد أنَّ تجربته فريدة ومميّزة.
بطاقة:
فنّانة ورسّامة تشكيلية عراقية، من مواليد بغداد عام 1957. تخرّجت من "أكاديمية الفنون الجميلة" في بوخارست عام 1980. أنجزت خلال مسيرتها أعمالاً مفاهيمية وتركيبة، توزّعت بين الفوتوغراف، والنحت، واللوحات التعبيرية. شاركت في العديد من المعارض و"البيناليات" في كلّ من بغداد، وبوخارست، واليمن، وكوبنهاغن، وبرلين، ودمشق، والشارقة، وغرناطة؛ وهي، اليوم، عضو في "اتحاد الفنانين العالمي".