في عام 2017، أقامت التشكيلية اللبنانية هلا عز الدين (1989) معرضها "فضاءات مواربة" الذي قدّمت فيه بورتريهات لطلابها من اللبنانيين واللاجئين السوريين، في خمسة عشر عملاً يحمل كلّ واحد منها اسم أحد الأطفال الذين درّستهم الفنانة في بلدة عرسال بالبقاع اللبناني.
ركّزت تلك اللوحات على تعابير الوجه بشكل رئيس في محاولة لاكتشاف الأوضاع الاجتماعية والحالات الشعورية لأصحابها، ضمن رؤية تعبيرية تبرز أسلوباً خاصاً سواء في تنوّع التقنيات المستخدمة من ألوان مائية وأكريلك وزيت وحبر، أو في اختيارها للألوان القاتمة في كتل والفاتحة في كتل أخرى.
"بحثاً عن الضوء" عنوان معرضها الجديد الذي افتتح في "صالة أجيال" بـبيروت في الثامن من الشهر الجاري، ويتواصل حتى التاسع من كانون الثاني/ يناير المقبل، وتعكس من خلاله تطوّر أسلوبها في إظهار البعد النفسي لشخصياتها التي ترسم وجوهها.
تتراكم طبقات اللون في العمل ضمن تكوينات تحاكي مأساوية الأحوال في لبنان، سواء على صعيد الأزمة الاقتصادية التي يعيشها مواطنوه وما سببتها من احتجاجات شعبية، وصولاً إلى تفجير ميناء بيروت في الرابع من آب/ أغسطس الماضي، ويهيمن على اللوحات اللون الأحمر بتدرجاته والبرتقالي والأصفر، إضافة إلى الأخضر الداكن، التي تتداخل على كامل تفاصيل الجسد.
وتختلف الأوضاع التي ترسمها عز الدين لشخصياتها ومنها لوحة تبدو لطفل يجلس على مقعد وينظر إلى الأفق، ويظهر وجهه بألوان حارة فيما يرتدي ملابس زرقاء وخضراء ويختلط الأبيض مع الألوان التي تحيط به، وهي تذكّر ببورتريهاته في معرضها السابق، وترسم طفلاً آخر ووراءه خلفية مختلطة لونياً.
يبحث الأشخاص عن ضوء كمن يرنو إلى طمأنينته وسكينته المفتقدة في مشاهد لا تبين ملامحها وكأنها جزء من أمكنة قد تتشابه في جميع أنحاء العالم، ولكن الرمادي في خلفية بعض اللوحات يكسر تلك العتمة المطلقة في لحظة ضبابية يعيشها هؤلاء الناس. في بعض اللوحات، تقترب البورتريهات من تشكيل الملصق حيث العنصر البشري في يسار العمل ونفّذت الخلفية بأسلوب يجعل الوجه ببعد أيقوني.
يُذكر أن هلا عز الدين حازت درجتي البكالوريوس والماجستير في الفنون الجميلة من "الجامعة اللبنانية"، وشاركت في العديد من المعارض الجماعية، وتركّز في عملها على الواقع والحياة اليومية في لبنان.