نقيض كلّ فِطرة

15 مارس 2024
جانب من صلاة الجمعة الأولى في رمضان بـ"المسجد الأقصى"، 15 آذار/ مارس 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النص يناقش تأثير الرأسمالية وكيف تفوقت في تشويه الحقائق والظروف على الأديان، مشيرًا إلى أن الرأسمالية في طورها الاحتكاري/المالي تعد عضال البشر بعواقب وخيمة.
- يُبرز الكاتب أن الأديان، رغم تفسيرها المغلوط للحقائق أحيانًا، تظل أرحم وأقرب إلى فطرة الإنسان من الرأسمالية، مستشهدًا بتجربته الشخصية ومنظور ماركسي.
- يُعرج على خطأ ماركس الأعظم بإهماله للدين في جدليته التاريخية، مؤكدًا على البعد الثوري في كل دين يقاوم الرأسمالية، ويدعو للنظر في الإيمان كمحرك للبطولة والمقاومة.

لا يُوجد دين في العالَم، سماويٌّ أو وضعي، لا يُسيء تفسير الحقائق والظروف. في المقابل، لا يُوجد من يُسيء تفسير الحقائق والظروف في العالَم، بقدر ما كانت تفعل الرأسمالية، زمان، ولا تزال تفعله في طورها الاحتكاري/ المالي، الآن. إنّها عضال البشر، وضحاياها فوق عملية أي إحصاء. أمّا عواقبها الوخيمة، فتدفعك للبكاء على أطلال الإنسان غير العاقل، الذي كان يحيا جنّة المشاع وخطرها معاً، لكنّه لم يكن ليعاني ما نعانيه اليوم، من الحصول على اللقمة والهدمة والسقف، بشقّ الأنفس.

لهذا تبقى الأديان ذات القيم النبيلة، أرحم بما لا يقاس من شرّ الرأسمالية وأشرارها المتنطّعين بكلام الخديعة. لقد علمني زماني أخذ مقولاتها ومقولاتهم على العكس. أقول قولي هذا من منطلق ماركسيٍّ في المقام الأول.

إن خطأ ماركس الأعظم أنّه نحّى الدين من جدليّته التاريخية على جنبٍ، مع أنّ زوجته وبناته كنّ مسيحيات متديّنات. وكانت عائلة جدّه وأبيه يهودية متديّنة كذلك.

في كلّ دين هنالك ما هو ثوريٌّ، ولا يقبل بما تفعله فينا الرأسمالية الآن. ذلك أنَّ كلّ الأديان أقرب إلى فطرة البشر من الرأسمالية التي هي نقيض كلّ فطرة، خلا فطرة التملّك اللامتناهي، ولو على حساب أكوام من الجماجم. فلننظر حولنا: هل كان مقاتلونا الأبطال في امتداد القطاع ليقاتلوا بهذه البطولة العليا، لولا إيمانهم وما أعدّوا من قوة العقل والسلاح؟


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

المساهمون