"مهرجان قرطبة للغيتار".. عودة إلى فرناندو سور

18 يوليو 2023
لوحة لجورج تشينري تصوّر عازفاً يؤدّي مقطوعة لفرناندو سور (Getty)
+ الخط -

منذ دورته الأُولى عام 1981، كرّس "مهرجان قرطبة للغيتار"، الذي يُعقد بالمدينة الأندلسية، بين السادس والخامس عشر من تمّوز/ يوليو من كلّ عام، فعالياته للاحتفاء بعازفي الغيتار وأساتذته البارزين من إسبانيا وخارجها، واستعادة تجاربهم، والإسهامات والتجديدات التي قدّموها في هذا المجال، سواء من رحل منهم عن عالمنا، أو ما زال حيّاً.

هكذا كرّم المهرجان، على سبيل المثال، مسيرة العازف الكوبي البارز ليو بروير (1939) في دورة 2005، والإسباني باكو دي لوسيا (1947 - 2014) قبل ذلك بسنتين، والأميركي جيمي هينبريكس (1942) في دورة 2017.

وبعد انقطاع ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا، عاد المهرجان في دورته الثانية والأربعين هذا العام لتُقام في موعدها المعتاد. وقد وعد منظّموه بأنّه لن يكون "مجرَّد مهرجانٍ للأصوات الموسيقية فحسب، إنما مزيجٌ من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تكمّل الموسيقى". وكان عازفُ الغيتار الإسباني فرناندو سور (1778 - 1839) شخصيةَ هذا العام.

ظلّت مقطوعاته مرجعاً هامّاً في مدوّنات الغيتار الكلاسيكي

هكذا، وعبر سلسلة من المحاضرات التي احتضنها مقرُّ "البيت العربي" في المدينة القديمة بين العاشر والخامس عشر من الشهر الجاري تحت عنوان "تاريخ الغتيار"، عرَّف خوليو خيمينو؛ أستاذ الغيتار في "معهد إشبيلية للموسيقى"، بمسيرة سور الفنّية؛ أحد أبرز عازفي الغيتار والمُلحّنين الكلاسيكيّين في التاريخ. 

وعلى الرغم من تصنيفه ضمن المُلحّنين الكلاسيكيّين، اشتهر سور باستخدامه تقنيات موسيقية متقدّمةً جدّاً على عصره، حيث ابتكر أشكالاً موسيقية مختلفة؛ مثل: "المنويت" و"الدويتو" و"الفنتازية"، التي تدرّجت من قِطع بسيطة للمبتدئين إلى أعمال أكثر تعقيداً للعازفين المتقدّمين. ظلّت هذه المقطوعات الموسيقية معايير مُهمّة في ذخيرة الغيتار الكلاسيكي، وعُرفت بجمال لحنها وتحدّياتها التقنية.

طوّر سور تجربته الفنّية في باريس، واشتهر أوروبياً من خلال جولاته الموسيقية؛ ففي عام 1815، اعُترف به كواحدٍ من أبرز مؤلّفي الأوبرا والباليه. وفي 1823، ذاع صيته في روسيا، حيث كتب وقدّم باليه "هرقل وأوميفاليا". وبعد سنتين، قدَّم باليه "سندريلا" في "مسرح البولشوي"، والذي سيمنحه شهرةً عالمية، ويضعه على قائمة أبرز عازفي الغيتار في أوروبا. 

استقرّ الموسيقي في باريس، التي رحل فيها عن عالمنا عام 1839، بعد أن أطلَق عليه عالِم الموسيقى البلجيكي، فرانسوا فيتيس، لقب "بيتهوفين الغيتار".

وإلى جانب المحاضرات التي تناولت مسيرة فرناندو سور، شهدت المدينة خلال أيام المهرجان سلسلة من الحفلات الموسيقية التي أُقيمت في شوارعها القديمة، إضافة إلى عروض فلامنكو، وأمسيات أحياها عازفون محلّيون، كما أُقيم، ضمن التظاهرة، معرضٌ بعنوان "مقاربة بصرية للغيتار"، عُرِضت فيه مجموعةٌ من الصور الفوتوغرافية التي تتناول مراحل تطوّر هذه الآلة عبر التاريخ.

المساهمون