اختُرعت النماذج الأولى من ألعاب الفيديو في منتصف القرن الماضي، مستوحاة من تقنية عرض الرادار، وبدأ في السبعينيات طرحها تجارياً بالتسمية المتعارف عليها حالياً، لتشهد تطوّرات هائلة بعد ذلك، مستفيدة من القفزات التكنولوجية التي انعكست على واقع صناعتها وضخامة سوقها وتنوّع مجالاته.
ترافق مع ذلك ظهور دراسات متخصصة حول هذه الألعاب ضمن تقاطعات علوم الكمبيوتر مع العلوم الإنسانية، وظهرت تنظيرات عديدة حول مفهوم اللعب بين الواقع والعالم الافتراضي، والتعقيد الناشئ عن تفاعل اللاعب مع الألعاب الحديثة، وسط جدل بين مؤيدين ومعارضين حول دورها في التنشئة وتعزيز ذكاء الأطفال.
تنظّم "وكالة بهنا" في الإسكندرية عند السابعة من مساء الإثنين المقبل برنامجاً بعنوان "مهام للحياة المتطوّرة" يضمً عرض خمسة أفلام قصيرة، تستكشف أشكالًا مختلفة من صور المحاكاة الرقمية لألعاب الفيديو، وتحاول تحليل العلاقة غير المستقرة ما بين الواقع والخيال، وتنظر بشكل نقدي في إمكانية التعامل مع تلك الصور والنتاجات المقدمة، بحسب بيان المنظّمين.
تستكشف الأفلام المعروضة المحاكاة الرقمية لألعاب الفيديو، وتحلّل العلاقة غير المستقرة ما بين الواقع والخيال
يُعرض فيلم "لا تتركني" (2012) للفنانة الأميركية أنجيلا واشكو، والتي أقامت العديد من المعارض الفنية لتقديم أفلامها التي تستند إلى أبحاث وملاحظات ميدانية حول اللغة المعادية المستخدمة في ألعاب الفيديو وتتضمّن تمييزاً ضد المرأة، وصوراً نمطية عن الجنسين، وأفكاراً تكرّس الحواجز والاختلافات الثقافية.
كما يُعرض فيلم "العثور على فرانتز فانون 2" (2015) للمخرجين لاري أتشامبونج وديفيد بلاندي، وهو جزء من سلسلة أفلام تسعى إلى تفحّص أفكار الفيلسوف المارتنيكي (1925 – 1961)، في أعماله المسرحية الثلاثة "العين الغريقة" و"الأيدي المتوازية" و"المؤامرة"، حول سياسات العنصرية وتأثيرات الاستعمار النفسية في عصر ثقافة البوب والتكنولوجيا والعولمة.
ويتضمّن البرنامج عرض ثلاثة أفلام أُخرى هي: "لا يعرف الخوف" (2008) من إنتاج "مجموعة إنفينت لووب"، و"ألعاب جادة IV: شمس بلا ظل" (2010) لـ هارون فاروقي، و"سقوط الريش" (2019) من إنتاج "مجموعة توتال ريفيوزال".
من جهة أخرى، يشير بيان المنظّمين إلى أنه "عبر العقود الأخيرة، تطورت أشكال مختلفة من ألعاب الفيديو؛ الفنية والتجريبية والمتعددة الوسائط، التي خلقت صورًا وخيالات كثيرة معقدة حول الواقع ووظائف الحياة، فما بين المدن الكبرى والبيئات العادية، الاستراتيجيات العسكرية والعوالم غير البشرية، وقعت تحولات جذرية في تصور وتجربة الواقع".
ويوضّح أنه "من خلال الواقع الفائق لتجربة ألعاب الفيديو، يكتسب اللاعبون/ المشاهدون أجساداً افتراضية ويتصرفون في مساحات افتراضية، بحيث تعمل هذه المحاكاة كأداة للتنقل عبر المواقف والطبقات المتعددة لهذه العوالم، فيما تتلاشى بالتبعية الحدود والمقاييس ما بين الواقع وصور الواقع الفائق للألعاب، وتتحول تلك ممارسة إلى نوع من الواقع، ويتحول الواقع إلى لعبة في المقابل، كعملية سياسية يتجلّى فيها قدر هائل من آليات العنف والسيطرة وتخليق القيمة المادية".