عام 1935، تأسّست "شركة مصر للتمثيل والسينما" في القاهرة، أو ما يُعرف بـ"استديو مصر"؛ وذلك في وقت بدأت فيه صناعة السينما في البلاد تشهد تقدّماً وازدهاراً، بل واهتماماً من قِبَل الحكومة أيضاً. وقد رأى أوّل أفلام الشركة النور في العام نفسه، وحمل عنوان "وداد"، الذي أدّت دور البطولة فيه أمّ كلثوم (وأخرجه الألماني فريتز كرامب).
لكنّ الاستديو ــ شأنُه شأن الكثير من المؤسّسات ــ سينقلب حالُه بتغيّر الأوضاع السياسية في البلاد، بداية من التأميم عام 1952 ووصولاً إلى إعادة الخصخصة من جديد عام 2000، حيث سيتولّى إدارته أربعة أشخاص، هم: كريم جمال الدين، وحاتم طه، وعلي مراد، ومنى أسعد، وليبدأ هؤلاء رحلة جديدة ستوثّقها منى أسعد من خلال فيلمها "في استديو مصر" (95 د)، والذي أُنتج عام 2018.
عند الثامنة من مساء الإثنين المُقبل، يُعيد مركز "وكالة بِهنا" الثقافي في الإسكندرية عرضَ الفيلم، وذلك ضمن إطار "تتبّع تواريخ 'السينيفيليا' والثقافة السينمائية في مصر"، حسب ما أعلن المنظّمون؛ ويعقب العرض نقاشٌ مع مخرجته منى أسعد (1956)، تتحدّث فيه عن رؤيتها الفنية، وأهمّ المحطات الإنتاجية التي شهدتها خلال العمل على الوثائقي.
يروي الفيلم تحوّلات بلد وثقافة من خلال حكاية أربعة أشخاص أعادوا إحياء الاستديو مُجدّداً، ومحاولتهم تخليصه من أزماتٍ أورثته إيّاها البيروقراطية الحكومية، والتي صدّرت مفهوماً عن الفنون بوصفها "ثانويات"، خاصّة مع تقدّم ثقافة التلفزيون السريعة و"البَيْتِية"، وتراجع السينما كفضاء عام.
كما يعرض الوثائقي سنوات العمل في الاستديو قبل ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، ومن أيّ القِيَم الفنية انطلق المشروع، الذي سيتأثّر بمآلات السياسة مرّة أُخرى في البلد، بعد الانقلاب على الثورة؛ الأمر الذيس يضع حدّاً للعمل بعد سنوات، ويضطرّ بعض أفراد الفريق إلى الهجرة من البلد؛ ليكونَ آخر إنتاجات الاستديو فيلم "سكّر مرّ" (2015) لهاني خليفة.
العمل عبارة عن شهادة حيّة على 15 عاماً من عُمر المؤسّسة ولمجموعة من العاملين فيها، ويعبّر عن انشغال بِهَمٍّ ثقافيّ، حيث يحتوي على أرقام تفصيلية حول عمليات الإنتاج والتصوير التي جرت فيها، كما يكشف العقلية السلطوية التي وضعت حدّاً لهذا الحُلم.