- الفنانون يتحولون الحزن والإحباط إلى قوة وعزم من خلال الإبداع الفني كأغنية "البنت الزغيرة" التي تسلط الضوء على معاناة الأطفال في الحروب.
- يؤمن المبدعون بأهمية الفن في تحفيز التغيير والتأثير عالميًا، مع التركيز على العدالة الاجتماعية وتقديم الدعم والأمل لأطفال فلسطين، مؤكدين على الصمود والكرامة.
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء.
■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام، في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
الهاجس نفسه الذي يسكن كلّ مواطن صادق، وهو وجود هذا الكيان الصهيوني الوقح والغاصب الذي يعتاش على نَهْب الأرض وقَتْل أصحابها، كمرض السرطان الذي يفتكُ بلا رحمة بجسم الإنسان.
■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟
في بدايته أُصِبتُ بحُزن وإحباط شديدَين من هول مجازر الإبادة الإنسانية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي بحقّ أهلنا في غزّة وفلسطين، وأسراهم المُعتقلين منذ عقود. فبشاعة الظُّلم والاستبداد فاقت الجنون. لكن مع مرور كلّ يوم ازددتُ قوّة وعزماً عندما شاهدت القواعد الشعبية في المنطقة العربية وحول العالَم تتحرّك وتتضامن مع الشعب الفلسطيني وتُعبّر عن ذلك بشكل مُتصاعد يوميّاً. فبالإضافة إلى تقديم أُمسيات غنائية دعماً لفلسطين، أصبحتُ ألجأ أكثر إلى سماع وأداء الأغنيات الوطنية. وقد أطلقتُ مؤخّراً أغنية عفوية جدّاً بعنوان "البنت الزغيرة"، تحكي عن الطفولة البريئة التي ذهبت ضحيّة هذا العدوان والحروب بشكل عام.
■ إلى أي درجة تشعرين بأن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟
العمل الإبداعي على جميع أنواعه ليس مُمكناً فقط، بل ضروري وأساسي جدّاً، لدوره الحيوي في التحفيز والحفاظ على وتيرة العَزم والمُقاومة في نفوس جميع الناس المُناضِلين في سبيل قضيّة حقّ عُمرها أكثر من سبعين عاماً. إنني أشبّه الأعمال الفنّية، التي ظهرت بشكل خاص في فترة الأشهُر الأخيرة من جرّاء حرب الإبادة الصهيونية على أهلنا في فلسطين، ببركان من العُنفوان الشبابي تفجَّر ونثَر حِمَمه التي أفاقت المُناصرة الشعبوية ليس فقط في منطقتنا، بل حول العالَم أيضاً، وخاصةً في بُلدان أجنبية لم نكُن نسمع أيّ صدى شعبيّ منها حول القضيّة الفلسطينية والحقّ الفلسطيني المقدّس في التحرُّر من الاحتلال الصهيوني.
أطلقتُ أغنيةً بعنوان "البنت الزغيرة" أهديتها لأطفال فلسطين
■ لو قيّض لكِ البدء من جديد، هل ستختارين المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟
أختار دائماً المجال الإبداعي الذي من خلاله ينطلق اندفاعي النضالي والإنساني. ليس لي في العمل السياسي أيّ اهتمام.
■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
تحرير فلسطين بالدرجة الأُولى وانحلال الكيان الصهيوني. فمن خلال ذلك فقط، يُمكن لفلسطين ومنطقتنا بالكامل استعادة عافيتها. في نفس الوقت، أتمنّى على التغيير في العالَم أن يعود ويجعل العدالة الاجتماعية من أقوى ركائزه. والأمر ليس مستحيلاً، بالرغم من ثُبوت العكس حالياً عندما نشاهد أساليب التحكّم لدى قادة الدول الكبرى.
■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودين لقاءها، وماذا ستقولين لها؟
غسان كنفاني؛ "يا ريتك طلعت بتاكسي بدل سيارتك".
■ كلمة تقولينها للناس في غزّة؟
"ما في كلام يساع...". منكم تعلّمنا التصالُح مع الموت! الرحمة لأرواح جميع الشهداء الأبرار. الله يُعيننا يداً بِيَد ويُعينكم على عبور هذا النفق المُظلم الطويل ونحتفل بالتحرير معاً في القدس الشريف، العاصمة الأبديّة لفلسطين!
■ كلمة تقولينها للإنسان العربي في كلّ مكان؟
في الاتحاد قوّة!
■ حين سئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين؟
أدعو لربّي أن يُرسل لكِ أولاد حلال يعتنون بكِ أنتِ وكلّ الأطفال الذين خسروا مثلك أغلى ما عندهم. أن يغمروكم بكلّ الحبّ الذي حُرمتم منه، وأن يُوفّروا لكُم الفُرص التي تستحقّونها لعيش حياة كريمة، لكي تحملوا بدوركم للأجيال القادمة قصص مُعاناتكم وشجاعتكم وصمودكم، وتصبحوا عنواناً للكرامة في أعيُنهم.
بطاقة
فنّانة وعازفة لُبنانية من مواليد البحرين وتُقيم في الأردن. حاصلة على إجازة في الفنون وتنمية الموارد البشرية والعمل الاجتماعي من "الجامعة اللبنانية الأميركية" في بيروت. تتلمذت على يد فنّانين لبنانيّين بارزين، من بينهم: زكي ناصيف، وأستاذة الموسيقى وتدريب الصوت بديعة صبرا حدّاد، ومهندس الصوت فريد أبو الخير الذي تعتبره والدها الرُّوحي. قدّمت العديد من الحفلات حول العالَم، ومن ألبوماتها الغنائية: "للغالي" عام 2008، و"مكتوب في الماء" (2009) بالاشتراك مع الفنّانة الأرجنتينية لوردس بيريز، وأُغنية "أحبّكَ" (2012) التي كتبتها الروائية غادة السمّان، كما أصدرت مؤخّراً أُغنية "البنت الزغيرة" التي أهدتها لأطفال فلسطين خاصةً، ولجميع الأطفال الذين يُعانون من أهوال الحروب.