"معرض مكتبة الإسكندرية": الكِتاب المستعمَل بديلاً

21 يوليو 2024
من المعرض (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إقبال كبير على الكتب المستعملة**: شهد معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب إقبالاً واسعاً على الكتب المستعملة بأسعار تتراوح بين 10 و50 جنيهاً، مما جعلها خياراً مفضلاً في ظل ارتفاع أسعار الكتب الجديدة.

- **استياء الزوار من ارتفاع أسعار الكتب الجديدة**: عبّر الزوار عن استيائهم من ارتفاع أسعار الكتب الجديدة، مما دفعهم للتوجه نحو الكتب المستعملة كبديل اقتصادي رغم الخصومات المقدمة.

- **تحديات صناعة الكتاب وضرورة الحوار**: أشار الناشرون إلى أن ارتفاع الأسعار يعود لتكاليف الإنتاج والشحن، مؤكدين على ضرورة حوار بناء لحل المشكلة. المعرض يشهد مشاركة واسعة وبرنامجاً ثقافياً غنياً.

تُسجّل الكتب المستعمَلة حضوراً لافتاً في الدورة التاسعة عشرة من "معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب"، التي افتتحت الاثنين الماضي وتستمرّ حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري؛ إذ تجتذب الخيام والمساحات الواسعة المخصَّصة لها، أعداداً كبيرة من الزوّار الذين يجد كثيرٌ منهم فيها ضالّته، مقابل أسعار منخفضة تتراوح غالباً بين عشرة وعشرين جنيهاً للكتاب الواحد، وتصل إلى خمسين جنيهاً حين يتعلّق الأمر ببعض الإصدارات النادرة.

وبينما يشهد المعرض إقبالاً واسعاً، عبّر كثيرون عن استيائهم من الارتفاع المفاجئ في أسعار الكتب الجديدة، وهو ما أثّر على قدرتهم الشرائية وجعلهم يتّجهون إلى المساحات الخاصّة بالكتب المستعملة. مِن بين هؤلاء يسرا المهدي، وهي طالبةٌ في "كلّية الاقتصاد والعلوم السياسية"؛ حيث تقول لـ"العربي الجديد: "تحمّستُ لشراء مجموعة من الكتب الجديدة في مجال دراستي، غير أنّني فوجئت بأنّ سعر الكتاب الواحد يزيد عن خمسمئة جنيه، وهذا مبلغٌ باهظ لي".

الأمر نفسه حدث مع إبراهيم علاء، الطالب في "كلّية الهندسة"، والذي يقول: "بحثتُ عن بعض الكتب التي نصحني أحد أساتذتي بقراءتها، فوجدت أنّ سعر الواحد منها يصل إلى 350 جنيهاً. كنتُ سأغادر المعرض من دون اقتناء أيّ منها، غير أنّي اتّجهت إلى الركن الخاص بالكتب المستعمَلة، وهناك وجدتُ ما كنت أبحث عنه مقابل أربعين جنيهاً فقط".

حلّ مشكلة ارتفاع الأسعار يتطلّب حواراً بين الأطراف المعنية بصناعة الكتاب

أعلنت دور النشر خصوماتٍ في أسعار بعض الكتب، خلال المعرض، تصل إلى 20%. لكن تلك التخفيضات "لا تعني شيئاً قياساً بالأسعار المرتفعة جدّاً والمدوَّنة أعلى الأرفف"، وفق تعبير علاء، والذي يضيف: "بفضل الأسعار الرمزية يتمكّن القرّاء من اختيار ما يناسب ميزانياتهم واهتماماتهم".

من جهتها، تتساءل مها ناجي، وهي زائرةٌ التقيناها في المعرض: "كيف يمكنني شراء كتب لأولادي بهذه الأسعار المرتفعة؟ خصوصاً أنّ كلّاً منهم يحتاج إلى أكثر من كتاب واحد؟"، وتستطرد: "أردتُ شراء كتابَين فقط، ولكن إجمالي سعرهما تجاوز خمسمئة جنيه، وهو ما لا أستطيع تحمُّله. وهكذا كان عليّ التوجُّه إلى الكتب المستعمَلة، حتّى وإن لم تُلبّ كلّ احتياجاتي".

أمّا جاكلين ماجد (27 سنة)، فتقول: "اعتقدتُ أنّني سأعود من المعرض وأنا أحمل قائمةً كبيرة من كتبي المفضَّلة، ولكنّني الآن أشعر بأنّ هذا الحلم بعيد المنال بعد رؤيتي للأسعار المرتفعة التي حوّلت فرحتي وحماستي إلى حزن واستياء"، وتُضيف: "يتعلّق الأمر هنا بإعاقة وصول المجتمع إلى المعرفة والثقافة؛ فالكُتب هي أساس التقدُّم الإنساني، وينبغي أن تكون متاحةً للجميع بغضّ النظر عن دخلهم أو وضعهم الاقتصادي، ويجب أن نعمل لضمان أن يحظى الجميع بفرصة الوصول إليها والاستفادة منها".

معرض مكتبة الإسكندرية
تتراوح أسعار الكتب المستعملة غالباً بين عشرة وعشرين جنيهاً للكتاب الواحد (العربي الجديد)

في المقابل، عبّر ناشرون وقائمون على المعرض عن تفهُّمهم لانتقادات الزوّار بشأن ارتفاع أسعار الكتب بنسبة وصلت إلى أكثر من خمسين في المئة، غير أنّهم، في الوقت نفسه، اعتبروا أنّهم مضطرّون إلى رفع الأسعار لأسباب عديدة؛ من بينها "ارتفاع تكاليف الإنتاج، وفي مقدّمتها تكلفة الورق والطابعات"، مثلما يذكر الناشر علي فتحي في حديثه إلى "العربي الجديد"، والذي يُشير، أيضاً، إلى أنّ "أسعار الشحن العالمية شهدت تقلّبات كبيرة أثّرت سلباً على الناشرين، ولا بدّ أن نعرف أنّ تكلفة إنتاج بعض الكتب تتجاوز سعر بيعها، ولكنّنا نضطرّ إلى توفيرها لأسباب تسويقية". ورغم الإقبال الكبير على المعرض، يؤكّد فتحي أنّ المبيعات تشهد تراجُعاً مستمرّاً؛ حيث "يكتفي الكثيرون بالاطلاع على العناوين".

من جهته، يُؤكّد الناشر ورئيس "جمعية الكتاب" بالإسكندرية، حسن أحمد، أنّ صناعة الكتاب، كغيرها من السلع والخدمات، تأثّرت بالغلاء والأزمة الاقتصادية؛ وبسبب ذلك "نحاول دائماً تقديم خصومات تساعد على خفض الأسعار، لتشجيع القراءة"، ويضيف: "مشكلة الأسعار تحتاج إلى حلّ جذري يتطلّب حواراً بنّاء بين جميع الأطراف المعنية بسوق الكتب".

وحول العناوين الأكثر طلباً في ركن الكتب المستعملة، يوضّح المتحدّث: "من الواضح أنّ الروايات والقصص والكتب الدينية هي الأكثر مبيعاً في جناح الكتاب المستعمَل؛ حيث يجري عرضُها بأسعار تتراوح بين خمسة عشر وخمسين جنيهاً، كما تحظى كتب الأطفال والمقرّرات الجامعية بإقبال ملحوظ أيضاً. أمّا ما يخص الكتب الأجنبية، فإنّ أكثرها طلباً هي الروايات الغربية الشهيرة التي تُعرض بأسعار لا تتجاوز ثلاثين جنيهاً، في حين تُعرض بعض العناوين القيّمة والنادرة بأسعار مرتفعة نسبيّاً، تصل إلى خمسين جنيهاً للكتاب الواحد".

يضيف أحمد: "يمثّل المعرض مقصداً لكلّ فئات المجتمع وشرائحه العمرية من الأطفال إلى كبار السن، غير أنّ أغلب الزوّار هُم من فئة الشباب الجامعيّين وما بعد الجامعة، وتحديداً الشباب بين 18 و30 عاماً، وهذه الفئة لا يسمح لها وضعها المالي بشراء الكتب باهظة الثمن، فتلجأ إلى الكتب المستعملة".

يُذكَر أنّ الدورة التاسعة عشرة من "معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب" تُقام بمشاركة قرابة سبع وسبعين دار نشر من مصر وبلدان عربية أُخرى، ويُقام على هامشها برنامجٌ ثقافي يتضمّن نحو 160 فعاليةً تتوزّع بين الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وورش العمل، والتي تتناول محاور من بينها: التاريخ، والأدب، والنشر، والذكاء الاصطناعي، والصناعات الإبداعية، والدراما المصرية، والإعلام، والشباب، والمرأة، والطفل، وعلاقات مصر الثقافية.

المساهمون