في نهاية الشهر الماضي، كان الحدث الثقافي الأبرز في المشهد الفرنسي هو اكتشاف أو بالأحرى ظهور مخطوطات الروائي لوي فرندينان سيلين (1894 - 1961)، ومنذ ذلك الحين، بدأ جدل حول كيفية وصول هذه المخطوطات إلى جمهور واسع.
لم تتأخّر الإجابة كثيراً، فقد أكّد الناشر أنطوان غاليمار، صاحب دار النشر التي تحمل اسم أسرته، أن مخطوطات سيلين ستكون على ذمة القراء من خلال مؤسسته التي تحمل عقد "نشر حصري" لأعمال الكاتب الفرنسي منذ 1951.
هذا التصريح قد يكون سبباً في بعض السجالات، حيث إنه قبل المرور إلى عقد "غاليمار" ينبغي الانتباه إلى مسألة جوهرية، وهي أن ظهور المخطوطات كان بجهد الصحافي جان بيير تيبودا، وقد يكون صاحب أولوية في نشر المخطوطات، خصوصاً أن هذه الأوراق قد تسلمها من أرملة سيلين قبل وفاتها، وقد تفتح القضية على الكثير من غير المتوقع.
هناك نقطة أخرى ينبغي الوقوف عندها، وهي حجم المادة التي اكتشفت، حيث تقدّر مخطوطات سيلين بستة آلاف صفحة، وقد اعتبر تقرير جريدة "لوموند" حولها أن ما لا يقل عن ألف صفحة هي أعمال لم يسبق أن ظهرت مطبوعة، منها رواية غير مكتملة ومجموعة رسائل.
يُذكر أن سيلين كان طبيباً إلى جانب كونه كاتباً، ومن مهنته استلهم أجواء عمله الأبرز "رحلة إلى آخر الليل" في 1932، وهو عمل اعتبر أنه إضافة نوعية لتقنيات السرد وللتصوّر العام لجنس الرواية. كما عرف سيلين ككاتب سجالي بسبب مواقفه التي طالما وضعت تحت قصف تهمة "معاداة السامية"، وهذه نقطة أخرى قد تجعل من نشر المخطوطات مسألة ليست بالبساطة التي يعتقدها البعض.