محمد العبادي.. استعادة المقاومة في مسرح توفيق فيّاض

19 ديسمبر 2023
من العرض، تصوير: أشرف محمد
+ الخط -

في منتصف الثمانينيات، قدّم الفنان الأردني محمد العبادي (1945) مسرحية "بيت الجنون" للروائي والكاتب الفلسطيني توفيق فياض في عرضٍ أخرجه الراحل خالد الطريفي، في مرحلة شكّل المسرح الأردني عنواناً أساسياً لالتزام العديد من الفنانين بالقضايا العربية والإنسانية، وفي مقدّمتهم الطريفي والعبادي.

نصّ فيّاض تدور أحداثه في فصلين حول مدرّس تاريخ وأدب يعيش في مدينة حيفا حيث انتابته الكوابيس وهو ينام بالقرب من البحر؛ كوابيس تعبّر عن إحساسه بالألم والقهر والجنون، وصراعه الداخلي الدائم بين الماضي والحاضر، في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل جرائمه منذ عقود.

يعود العبادي إلى النص ذاته، في مونودراما تحمل عنوان "وحدي"، بدأ عرضها عند السادسة من مساء أمس الاثنين على خشبة المسرح الدائري في "المركز الثقافي الملكي" بعمّان، وسيعاد عرضها في نفس الموعد اليوم وغداً وبعد غدٍ الخميس.

بطل المسرحية يمثّل معاناة كلّ إنسان فلسطيني تحت الاحتلال، يحمل السلاح دفاعاً عن بيته وأرضه ووطنه

المسرحية التي تقدّم بدعم من وزارة الثقافة و"نقابة الفنانين الأردنيين"، شارك في إخراجها حكيم حرب، وقام بتصميم الإضاءة محمد المراشدة، وأُسندت الموسيقى والمؤثرات إلى مراد دمرجيان.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يشير العبادي إلى أن بطل المسرحية؛ مدرّس الأدب والتاريخ، يمثّل معاناة كلّ إنسان فلسطيني يعيش تحت الاحتلال الصهيوني، ويحيا القهر والظُّلم الذي يقوده إلى أن يحمل السلاح دفاعاً عن بيته وأرضه ووطنه، وهو ما يحصل اليوم في غزّة.

وينبّه إلى أن النسخة الجديدة تختلف عن تلك التي قدّمها قبل نحو أربعين عاماً، وعُرضت على المسرح الدائري أيضاً، إذ يكتفي بجوهر المسرحية وبـ"حدُّوتها الأصلية" بعيداً عن تطويل مساحة الحوار والأحداث، بقصد إيصال رسالتها بكل وضوح.

من العرض، تصوير: أشرف محمد
من العرض، تصوير: أشرف محمد

ويلفت العبادي إلى أنه توقّف عن العمل المسرحي بعد تقديمه "عرار" عام 1995، وقرّر حينها أن لا يعود إليه بسبب ما آلت إليه الحالة المسرحية في الأردن، والعالم العربي، فالوضع الثقافي غدا بالمُجمل غير معافى، والمسرح أصبح رهيناً للمهرجانات فقط، بعيداً عن جمهوره، لا يُعبّر عن هواجس الفنان وهمومه كما كانت الحال سابقاً.

استفزّ العدوان الإسرائيلي على غزّة، العبادي ليعيد صياغة "بيت الجنون" في نسخة جديدة اختار لها عنوان "وحدي"، ليعكس الواقع الذي يقاتل فيه الفلسطينيّون وحدهم، حيث يدعمهم العرب على استحياء، بينما يجد الاحتلال دعماً من كلّ الدول الغربية.

ويرى في حديثه أنّ الفنان يمتلك الفعل الدرامي في مواجهة الاحتلال، وهو ما فعله منذ بداية تجربته التي بدأها على الخشبة بمسرحية "أبطال من فلسطين" عام 1963 ضمن عمل جماعي قدّمته "فرقة التمثيل المسرحي" آنذاك، وكذلك مسرحية "الضباع" التي اقتبسها عن نصّ لشكسبير حول عاشقَين وأدّاها على الخشبة بعد أحداث أيلول عام 1970، للحديث عن وحدة الشعبَين الأردني والفلسطيني مهما فرّقهم صنّاع السياسة، إلى جانب "محكمة فنس بن شعفاط" في مطلع التسعينيات.

واستذكر العبادي كذلك أعماله الدرامية في التلفزيون حيث كانت أول مشاركة له بدور مناضل فلسطيني في مسلسل "باب العمود" الذي أخرجه عدنان الرمحي عام 1969، وأيضاً مسلسل "حدث في المعمورة" (1981)، و"الدرب الطويل" (1998) لصلاح أبو هنود.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون