محمد الصديق معنينو.. جمهورية سلا في القرن السابع عشر

09 ديسمبر 2020
(رسم يوضّح المعارك البحرية بين المغاربة والأوروبيين في القرن الـ 17)
+ الخط -

سيطرت مجموعة من البحارة من ذوي الأصول الأندلسية، إبان العهد الوطاسي في المغرب، على مناطق ساحلية نفّذوا انطلاقاً منها هجمات على السفن الإسبانية والبرتغالية، وأتى ذلك في أعقاب طردهم من شبه الجزيرة الإيبرية، ما اضطرهم للهجرة إلى عدد من المدن المغربية، وتكوين ما عُرف لاحقاً باسم "جمهورية بورقراق".

"سلا في القرن السابع عشر: جمهورية القراصنة" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث المغربي محمد الصديق معنينو عن "دار أبي رقراق للطباعة والنشر" والذي يتناول حقبة لم يجر الاهتمام بها كثيراً سواء في توسّع أنشطة هؤلاء البحارة التي وصلت إلى أقاصي السواحل الأوروبية، أو في النظام المتبع لحكمهم.

يجمع الكتاب بين الاستقصاء الصحافي في جمع المعلومات والروايات المتواترة حول الحوادث التي عاشتها مدينة سلا، وأعلامها الذين عرفوا في تلك الفترة، وبين أدوات البحث العلمي في تدقيق الأخبار ومصادقتها وفق المراجع والوثائق التاريخية.

يتتبع الكتاب كيف هاجم البحارة الأندلسيين الأساطيل الأوروبية انطلاقاً من المغرب

يتتبّع معنينو مسار رحلة الأندلسيين منذ هجرتهم القسرية من إسبانيا بعد صدور أحكام طرد بحقّهم مطلع القرن السابع عشر، والأمكنة التي حطّوا بها على طول الساحل المغربي، ثم بدء تحرّكهم في أنشطتهم البحرية التي اعتبروها جهاداً ضدّ القوى الأوروبية، إلى جانب انتخاب أجهزة تنفيذية وتشريعية لجمهوريتهم الحديثة.

كما يقف الكتاب عند سيرة المجاهد محمد بن أحمد العياشي (1572 -1642) ودوره في صدّ الغزو الأجنبي خلال عصر شهد فوضى سياسية كبيرة عمّت أنحاء المغرب، وقد عُرف العياشي كمتصوّف وفقيه وقاضٍ ثم انخرط في قتال الأساطيل الإسبانية التي كانت تهدّد مدينتي سلا والرباط آنذاك.

الصورة
غلاف الكتاب

ويستعرض المؤلّف أيضاً كيف رابطت تلك الأساطيل القادمة من عدّة بلدان أوروبية عند مدخل وادي أبي رقراق، ثم وصول المبعوثين والسفراء إلى المغرب وإجراءهم المفاوضات والمباحثات حول الأوضاع الجارية، وكيف تقاطر التجار والقناصلة والمغامرون والوسطاء على مدينة سلا بحثاً عن المال والغنى السريع، موضّحاً معلومات غنية عن ذلك النشاط السياسي والبحري والدبلوماسي والاقتصادي الذي لم ينل حقّه من البحث، ويتطلب المزيد من التنقيب والتقصي حفاظاً على الذاكرة الوطنية.

يشير معنينو في المقدمة التي حملت عنوان "قبيلة المؤرخين" إلى أن كتابه "محاولة للتذكير بإحدى الفترات التي طبعت تاريخ مصب نهر أبي رقراق إبان ما عرف بـ"القرصنة السلاوية"، وما عاشه ميناؤه من حركة نشيطة، سواء على مستوى التبادل التجاري أو النشاط الدبلوماسي أو القرصنة البحرية أو التنافس على السلطة والجاه".

ويكشف من خلال الوثائق وقائع حدثت خلال نحو خمسين عاماً من تاريخ المدينة، مرفقاً بحثه بصور ووثائق وكرونولوجيا تاريخية، ومن بين فصول الكتاب: "القرصنة والجهاد"، و"الجمهوريات السلاوية"، و"الأطماع الإنكليزية".
 

المساهمون