مبعدونَ عن متن المدينة

19 مارس 2022
(جانيت لوزانو كلاريوند)
+ الخط -

نصٌّ ضائع داخل نصّ

اليوم
وأنا أبحث عن قصيدةٍ
تائهةٍ
وجدتُ أولئك المُشرّدين،
أحدهم مختبئٌ تحت الوسادة
قال لي:
نحن، المُبعدين قسراً عن متن المدينة،
نمشي كأقواس جيشٍ مهزوم
مُجعّدةٌ حتّى همومُنا
مؤمنين بالقدرِ
نعبر الشارع دون التفاتةٍ
نتعرّق رماداً طازجاً
نلّوّح للأقمار الصناعية
نظنّها شياطين هابطة
لا نعرف سوى أكياس البضائع التي تستعمل ظهورنا جسراً
لا نعرف أحضان النساء جيداً 
نعرف فقط حصاد الحنطة والشعير.

مُبعدون قسراً
عن الملذّات، 
كلٌ له حصّة في أجسادنا
الشمس، المنجل، مقابض العربات...
مُبعدون قسراً.


■ ■ ■ 


عتمة مُبالَغ فيها


في هذه العتمة
أقلّبُ دفاتر جدّتي 
باحثاُ عن ضحكة نسيتْها هناك 
حيث كنتُ معلقاً
على جدار تنّورها الطيني
لعلّي أجد 
إحدى "حنّوناتها"
أو بعضاً من فُتات الأيام 

كان وجهي مرقّطاً بالجوع
والحرمان
وكانت جدّتي 
ترتّبُ الأشياء 
حسب وجعها أو جهلها 

أمّي كانت تصوغ
الكدمات على ظهري
نعم على ظهري فقط
كي لا تعثر جدّتي على آثارها.

كنت جائعاً
متسوّلاً
بين أزقة الملل
لكنْ وقتها كنتُ
مدللاً.


■ ■ ■ 


ويأخذني اللحنُ...

أغنّي بعيداً
"عصفورتي حطّت على أفقِ الشراع"
أعلمُ ألّا أشجار هناك
لا أغصان 
سوى شراعٍ أعوج
من بلّوط.

يأخذني اللحن 
إلى
"ياگاع ترابچ كافوري"
أشاهدهم يتساقطون
ووابلُ الألحان 
يتهاوى عليهم رصاصاً
يحومون حول فكرتي
نوتاتٍ لا عزفَ لها
نوتات تقاتل أُخريات
لا بل رصاصات.

ما يحوم حولي رصاصٌ... رصاص.


■ ■ ■


قلق متبادل

الكلُ يشعرُ بالقلق
من حولي 
حتى جثّة هذا الليل 
القلق إصابةٌ تشبه حبّاً...
لا شيءَ يريد الركود 
حتى صوت قحطان العطّار
كيف يعرف الاستقرار
وهو يغني "أنا بهجرك شحيح الماي يا فيض"؟
أضحك قليلاً... هكذا قال رفيقهُ التيه.

لا أتعجّب من حوارهما
فأنا قلقٌ وأضحك
ِلما يدور في رأس الهواء 
وأنا أقرأ رسائل عتاب الموتى 
من الأرض الحرام 
وابتسامات الأطفال اليتامى
إلى ذويهم.

كلّ ما يدور في رأسه: 
موتٌ... موت.

الآن تمرّ الأحضانُ المحرومة أمامي 
جِرارُ ماء ترميه أمّهاتٌ
فُرَشُ مكياج عرائس
محرومات.

فجأة
تُمسحُ المشاهد
بسربِ طيورِ الليل.


* شاعر من العراق

المساهمون