تلاشى ربيع العمر. نكتب حتى لا نضطرّ إلى مواجهة صلاة الغروب. كتابة لا تعوّض عن العنف الفاشي الذي تم تجنيسه وحمايته، عربياً، في حالة لا تزال تكابر وتعافر.
نكتب، كي ننسى واقعاً هو أحجية داخل بئر بلا ظلال، ولكن عتمة. نكتب في عالم لا تمثل فيه الكتابة سوى صوت كاتبها المفرد بين القطيع. نكتب، لأننا تعوّدنا أن نكتب، ولا نعرف هوايات أو رياضات أخرى.
نكتب لأننا نمتلك تجارب، مسبوقة أو غير مسبوقة، ومن الأفضل لنا أن نمنع بعضها من السقوط في النسيان. نكتب لأن الكتابة هي طيف كاتبها، بينما العالم من حولنا يمثل دور الشبح العملاق. وهو يعمل في هذا الدور بشكل جيد بما فيه الكفاية، كونه مليئاً بالأشباح الذين قد يكون بعضهم جميلاً، ومن الجيد دائمًا رؤية أشباح جميلة.
نكتب لأننا نحيا في لهيب دكتاتوريات، وكل دكتاتورية مثيرة للاشمئزاز. ومن الواضح أننا نكتب، لأننا نريد أن نكتب، فنرثي أزمنتنا البائسة، وبشرَها المعذبين.
ذلك أن كل كتابة هي رثاء. كل كتابة هي استدعاء للغائب، وربما استدعاء الغيب أيضاً. كما نكتب ضد السوق ومعنويات أسماك القرش، ضد المضاربين والسماسرة. حيث العدو الأيديولوجي الوحيد هو رأس المال. وكل هذا التعب لماذا؟ لأننا، لسبب ما، أو صدفة ما، وعينا فوجدنا أنفسنا أقل سوءاً في الكتابة من غيرها. هذا هو!
(شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا)