استمع إلى الملخص
- مؤسسات ثقافية لبنانية، مثل "جمعية تيرو للفنون" و"مسرح إسطنبولي"، أطلقت ورش تدريبية للأطفال والشباب النازحين، وفتحت مراكزها لإيواء العائلات.
- منتدى "سبعين" وفضاء "برزخ" في بيروت يقدمان مساعدات عينية ووجبات يومية للنازحين، وسط تساؤلات حول مستقبل هذه الجهود في ظل العدوان والوضع الاقتصادي المتأزم.
منذ السادس عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي والاحتلال الإسرائيلي يُوسّع من عُدوانه العسكري على لبنان، الأمر الذي ترافق مع موجات تهجير واسعة طاولت جنوب البلاد، وباتت الأعداد تقترب من مليون نازح تركوا قراهم واتجهوا صوب بيروت والمناطق الأكثر أمناً في الجبل، كما أُعلن عن اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله في الثامن والعشرين منه، بعد قصف همجي استمرّ طوال الليل على الضاحية الجنوبية لبيروت.
أمام هذا المشهد الذي يستنسخ فيه الصهاينة أدواتهم الإبادية في غزّة ويغرسونها بقلوب الناس وحيواتهم، بادرت مؤسّسات وفضاءات ثقافية لبنانية لتكوين فرق تطوّعية، في استجابة سريعة لضرورات الوضع.
ضمن هذا السياق، أطلقت "جمعية تيرو للفنون" و"مسرح إسطنبولي" ورشاً تدريبية للأطفال والشباب النازحين من الحرب من القرى والبلدات الحدودية في جنوب لبنان في "المسرح الوطني اللبناني المجّاني" بمدينة صور، حيث تعمل الجمعية على تنظيم الورش التدريبية بشكل يومي، كما جرى اعتماد "المسرح الوطني اللبناني" مركزاً لإيواء الوافدين أيضاً؛ حيث بات المسرح يؤوي عدداً من العائلات النازحة من المناطق الحدودية.
أعمال تطوّعية تُساعد على إدارة الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان
بدوره، أعلن منتدى "سبعين" الثقافي في صيدا عن فتح أبوابه من أجل العمل على توزيع المساهمات التي تصله، في محاولة لإيفاء الوافدين بعض حقّهم، حيث أكّد القائمون عليه أنّ "هذا الشكل من العمل الاجتماعي يُساعد على إدارة الجبهة الداخلية للحرب على لبنان وجنوبه وبقاعه". كذلك أعلن فضاء "برزخ"، الذي يُعدّ من أكبر مكتبات بيروت، عن بدء استقباله جميع أشكال المساهمات العينية لدعم الوافدين من الجنوب، وأنّ القائمين عليه تمكّنوا، خلال أيام قليلة، من توفير أربعة آلاف وجبة يومية، بالإضافة إلى الإمدادات الحيوية الأُخرى، من خلال المتطوّعين، وبالتعاون مع المنظّمات الشعبية والشراكات المحلّية. أمّا "المؤسسة العربية للصورة" ببيروت فقد فتحت مكتبتها كمكان يُمكن للوافدين الاستراحة فيه، معلنة عن تقديم خدماتها من كتب وإنترنت بشكل مجّاني.
وعلى منوال هذه النماذج من ثلاث مدن، انخرط أعضاء من تجمّعات ثقافية ببيروت وطرابلس في العمل التطوّعي لتلبية احتياجات من هجَّرتهم آلة القتل الإسرائيلية، كما دعا الكثير من الكتّاب والفنّانين إلى فتح المسارح الكبرى بالعاصمة لتستقبل الناس، في ظلّ تقاعس الدولة عن القيام بمسؤولياتها.
من جهة أُخرى، يبرز سؤال مُلحّ: ماذا بعد جهود الإغاثة والعمل التطوُّعي والتضامني؟ كيف ستجتاز هذه المؤسّسات عقبة العدوان؟ وهي بعدُ لم تجتز عقبات أعوام الجائحة وما بعدها، وفي ظلّ وضع اقتصادي مأزوم يعيشه لبنان منذ أربع سنوات. لا إجابات عن هذا السؤال الآن؛ فالأمر متعلّق بلجم آلة القتل الصهيونية قبل أيّ شيء.
يُشار إلى أنّ جميع الفعاليات الثقافية والفنّية، من ندوات ولقاءات وعروض مسرحية وسينمائية وموسيقية، قد توقّفت في كلّ أنحاء لبنان، كما انتشرت دعوات لإعلان الإضراب اليوم الثلاثاء، الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، حداداً واستنكاراً للعدوان على الإسرائيلي على لبنان وفلسطين، وهذا المشهد يعيد ما عاشته بيروت من إلغاءات تضامنية خلال أيام العُدوان الأُولى على غزّة، ولكن بشكل أقسى هذه المرّة.