فوزية الفرجاني.. العرب والهيمنة الأميركية

06 أكتوبر 2021
محمد مهر الدين/ العراق
+ الخط -

تدرس الباحثة التونسية فوزية الفرجاني في كتابها "العرب في استراتيجيات الهيمنة الأميركية (1991-2008)" الذي صدر عن "سلسلة أطروحات الدكتوراه" في "المركز العربي للأبحاث" ودراسة السياسات كتاب، بمنهج متعدّد الزوايا المساهمةَ في موضوعٍ خلافي بين الباحثين من ذوي التخصّصات العلمية المتنوّعة.

وتناولت المؤلفة المقدّمات والسياقات التي هيّأت للهيمنة الأميركية مشروعًا وتجربة، والوقائع التي تجلّت فيها تلك الهيمنة في تاريخ العرب المعاصر، كما تعرّضت لدراسة استراتيجيات هذه الهيمنة وتقييم مرتكزاتها النظرية وامتداداتها العملية، إذ جمعت أقسامه بين مستويين: أحدهما إشكالي يبحث في مواضيع متداخلة، كالهيمنة والاستراتيجيا والإرهاب والحرب، والثاني تاريخي ينظر في الوقائع التي جمعت الولايات المتحدة والعرب، مثل حرب الخليج الثانية وتفجيرات أيلول/ سبتمبر والحرب على الإرهاب.

في القسم الأوّل "الهيمنة الأميركية واستراتيجياتها: بحث في السياقات والمقاربات" فصلان. في الفصل الأوّل، "الهيمنة الأميركية: سياقات وأطروحات"، تهتم الفرجاني بسياقات الهيمنة الأميركية وأبرز المقاربات فيها، وتضعها في سياقين: سياق تاريخي يتمثّل بتاريخ الاقتصاد السياسي العالمي، ونظري يتعلّق باختلاف الدارسين بين أطروحتَي الدولة المهيمنة والإمبراطورية. وتتناول الفرجاني بالبحث مختلف مقاربات الإمبراطورية الأميركية تشريحًا ونقدًا وتقييمًا واستشرافًا. 

تناولت المؤلّفة مواضيع متداخلة، كالهيمنة والاستراتيجيا والإرهاب والحرب

وتركّز في الفصل الثاني "الاستراتيجيا: تعريفاتٍ وأصنافًا"، على الاستراتيجيا الكبرى، لأنّ البحث فيها يساعد على تقييم ملامح الهيمنة الأميركية ومختلف موارد القوّة التي ترتكز عليها. وهي ترى هذا الباب ضروريًّا للبحث في الهيمنة الأميركية على العرب. 

في القسم الثاني "الولايات المتحدة الأميركية ومجالاتها الحيوية بعد الحرب الباردة"، فصلان آخران. في الفصل الثالث، "الولايات المتحدة والعالم في أثناء الحرب الباردة وبعدها"، تدرس الفرجاني المشروع الهيمني الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا يتيح لها وضع هذا المشروع في سياقه التاريخي النظرَ في التجربة الهيمنية الأميركية واستراتيجياتها، الرسمية وغير الرسمية والفردية والمؤسساتية، تصميمًا وإنجازًا. 

أما في الفصل الرابع "الشرق الأوسط في الجغرافيا السياسية الجديدة"، فتدرس الباحثة منزلة منطقة الشرق الأوسط في الجغرافيا السياسية المستجدّة. ونظرًا إلى ما تثير عبارة الشرق الأوسط من إشكالات، تفضّل الفرجاني النظر في مكانة الشرق الأوسط في الرؤية الأميركية والبحث في جذورها وقراءتها قراءة تفكيكية. ثمّ تدرس أسس اعتبار الشرق الأوسط مجالًا حيويًّا أميركيًّا وملامح الهيمنة الأميركية عليه ومرتكزاتها. 

الصورة
غلاف الكتاب

في القسم الثالث "حرب الخليج الثانية واستراتيجية الهيمنة: بحث في المسارات والأدوات"، فصلان. في الفصل الخامس، "حرب الخليج الثانية: السياقات والتصوّرات"، تدرس المؤلفة حربَ الخليج في مراحل التصوّر والإعداد، ما تطلّب منها العودة إلى مخطّطات احتلال منابع النفط التي يعود وضعُها إلى سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته، كما العودة إلى البحث في جذور النظام العالمي الجديد الذي أعلنه الرئيس الأميركي جورج بوش الأب وصِلَتِه المباشرة بحرب الخليج وبعض أبعاده الجيوسياسية والإمبريالية. 

تبحث المؤلّفة في الفصل السادس "حرب الخليج الثانية: الأهداف والأدوات" في أهداف الحرب المعلنة والمضمرة، ووسائل القوّة التي استخدمتها الولايات المتحدة في مختلف جبهاتها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والدعائية. وتصل الفرجاني في نهاية الفصل إلى تقييم الاستراتيجيا الأميركية في هذه الحرب. 

في القسم الرابع، "11 أيلول/ سبتمبر وأطروحة ’من ليس معنا فهو ضدّنا‘: بحث في الإرهاب"، فصلان. تهتمّ الفرجاني في الفصل السابع "الرواية الرسمية الأميركية لتفجيرات 11 أيلول/ سبتمبر وتداعياتها"، بالرواية الرسمية لتفجيرات 11 أيلول/ سبتمبر، وتفكّك أطروحة "من ليس معنا فهو ضدّنا"، مستهلةً الفصل بالبحث في دور المحافظين الجدد في التخطيط للتفوّق الأميركي في تسعينيات القرن العشرين من جهة، ودور أسامة بن لادن وجماعته في إعلان الحرب على الولايات المتحدة من جهة أخرى. ثمّ تدرس خلفيّات التبنّي الرسمي للأطروحة وتداعياته، لتصل في آخر الفصل إلى استعراض الجهود الرسمية لخوض الحرب على الإرهاب في بعديها العسكري بوصفها حربًا ميدانية، والفكري بوصفها حرب أفكار. 

وتتناول الفرجاني في الفصل الثامن "الجهود غير الرسمية وتداعياتها: بيان المثقّفين الستّين أنموذجًا"، الجهود التي بُذلت من خارج الإطار الرسمي، معتمدة بيان المثقّفين الستّين أنموذجًا، وفيه تعرّف البيان وأبرز الردود العربيّة عليه، وتقدّم قراءة تفكيكيّة باعتباره خطابًا سياسيًّا ولاهوتيًّا واستدلاليًّا. كما تبحث في مجالات تقاطعه مع الردود العربيّة وتباعده عنها. ثمّ تختم بتقييم آفاق الحوار الذي افتتحته ونَسَقِه ونتائجه العملية. 

المساهمون