فاسيف كورتون: أفكارٌ لمواجهة قمع المشهد الثقافي العالمي

24 يناير 2024
فاسيف كورتون
+ الخط -

منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، دخل المشهد الثقافي والفنّي العالَمي في نفقٍ من الضغوط والتضييقات التي تهدف إلى تكريس الرواية الصهيونية وحجب الأصوات المُعبّرة عن الحقّ الفلسطيني؛ مثلما حدث مؤخَّراً مع الفنّانة والباحثة الفلسطينية البارزة سامية حلبي، التي ألغى "متحف إسكنازي للفنون" أوّل معرض استعادي لأعمالها في الولايات المتّحدة كان مقرَّراً في العاشر من شباط/ فبراير المُقبل، وقبلها مع التشكيلي اللبناني أيمن بعلبكي الذي سحبت إدارة "دار كريستيز" لوحتيه "الملثَّم" و"مجهول" اللتين كان مقرَّراً بيعهما في مزاد علني في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

تتوّسع حالة الرقابة والإلغاء والقمع لتُطاول الناشطين الثقافيّين، في الغرب، الذين يعبّرون عن تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني وتنديدهم بحرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزّة؛ حيث يجد كثيرٌ من هؤلاء أنفسهم مهدَّدين بقطع المنح عن مشاريعهم الفنّية أو منعهم من الحصول على تمويل مالي مستقبَلاً، في ضربةٍ موجعة لحرّية التعبير والإبداع التي يتغنّى بها الغرب.

لعلّ المثال الأكثر فجاجةً في هذا السياق هو ألمانيا التي اتّخذت إجراءات قمعية بحقّ أيّ صوت يغرّد خارج السرب الرسمي الداعم للاحتلال وجرائمه؛ ومن ذلك تبنّي "ديوان الثقافة والتضامن المجتمعي" في مجلس شيوخ برلين تعريفاً جديداً لـ"معاداة السامية"، وجعله أساساً لدراسة استصدار المنح للمشروعات والأعمال الثقافية والفنّية من الميزانية المخصَّصة لدعم المشهد الثقافي في المدينة، وهو ما واجهه الفنّانون والناشطون الثقافيون بمظاهرات وبيانات عبّروا فيها عن اعتراضهم على الوتيرة المتزايدة من الرقابة والإسكات والتنحية لكلّ من يدعو إلى تحرير الفلسطينيّين والدفاع عن حقوق الإنسان.

هذا الوضع غير المسبوق يناقشه لقاءٌ تُقيمه "دارة الفنون" في عمّان، عند السادسة من مساء السبت المُقبل، مع القيّم والكاتب التركي فاسيف كورتون، تحت عنوان "كيف نصمد في مواجهة حالة القمع المسيطرة على المشهد الثقافي العالمي؟".

يُشير بيان المنظّمين إلى أنّه و"منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم يواجه المشهد الثقافي في أوروبا مثل هذه الدرجة من القمع من قبل اليمين المتطرّف، الذي يسعى إلى العودة بالزمن إلى الوراء، أملاً في محاربة المهاجرين وإحياء قيم الفاشية والإسلاموفوبيا ومعاداة السامية وطبقية العرق الأبيض".

يُضيء اللقاء على "الواقع الكارثي" للقارّة الأوروبية اليوم، "التي غرست جروح الماضي في جنوب شرق البحر المتوسّط، في ظلّ تزايُد وتيرة صعود الأنظمة الاستبدادية عالمياً، وما يجمعها من أدوات القمع السياسي والتحرّش والانتقام الاقتصادي بغرض إسكات حرية التعبير"، وفق البيان.

ويشير البيان إلى أنّ تلك الأدوات تلعب "دورًا في تعزيز مشاعر الخوف، وبالتالي، تبنّي الأفراد والمؤسّسات سياسات للرقابة الذاتية، ممّا سيؤدي إلى انهيار نطاق الحياة العامّة، بينما تُسيطر المادّة والمظاهر على الجانب الآخر من المشهد الفنّي".

كما يستعرض اللقاء سبل الخروج من الوضع الحالي، بما في ذلك اتخاذ خطوات فعلية تتجاوز مجرّد الافتراض بأنّ الوقت كفيل بتجاوز الأزمة التي أصبحت تبعاتها كارثية، وكأنّه تصادُم وشيك يصعب علينا تقبّله. 

يُذكَر أنّ فاسيف كورتون (مواليد إسطنبول عام 1965) منسّق مَعارض وكاتبٌ ومدرّس للفنون البصرية ومؤسّساتها وممارساتها المكانية، عمل منسّقاً للعديد من البناليهات في تايبيه وإسطنبول وساو باولو وفينيسيا، وكان المدير المؤسّس لمركز "بلاتفورم جارانتي" للفنّ المُعاصر في إسطنبول، و"متحف إسطنبول" للفنّ المُعاصر، و"متحف مركز دراسات تقييم المعارض" في "كلّية بارد" بالولايات المتّحدة. كما نُشرت له العديد من الكتابات حول الفن المعاصر والوضع الثقافي في كتب ومطبوعات مختلفة، وعمل محرّراً لعدد من الكتب، وهو يشغل، حالياً، منصب مستشار فنّي وتنسيقي في "متحف الفنّ العربي الحديث" بالدوحة.

المساهمون