عارف الريّس.. أبعد من الرؤى المحلّية

13 اغسطس 2023
"تشي غيفارا"، من سلسلة "الدم والحرية"، زيت على قماش (1968/ من المعرض)
+ الخط -

ما زالت تجربة التشكيلي اللبناني عارف الريّس (1928 - 2005) تُستعاد في المناسبات المحلّية والدولية على حدٍّ سواء؛ فالفنّان، الذي يُعدّ من أبرز أسماء المشهد في بلاده خلال القرن العشرين، تتنقّل أعمالُه ضمن مستويات أسلوبية مختلفة، وهذا الانتقال لم يكن إلّا انعكاساً لتطوُّرات في رؤيته الخاصّة، بالتفاعُل مع تغيُّرات الواقع والمجتمع.

حتى العاشر من أيلول/ سبتمبر المُقبل، يتواصل، في "معهد فالنسيا للفنّ الحديث"، معرضٌ استعاديّ يجمع أعمالاً أنجزها الريّس بين الستينيات والثمانينيات، في محاولة لتسليط الضوء على المرحلة التي بدأ فيها التشكيلي بالتوجّه صوب التجريد أكثر، وتجاوُز الخطوط الأُولى القريبة من التصوّر الشاعري للطبيعة وعناصرها.

في الستينيات، انتقل الفنان للعيش في إيطاليا، وقد مهّدت له هذه المرحلة، لاحقاً، سُبل التأثُّر بـ"مدرسة باريس"، حيث بدأت ملامح التجريد تتعزّز أكثر في توقيعاتِه، وإنْ ظلّ على المستوى الموضوعي مشدوداً إلى قضايا التحرّر الوطني، العربي منه والعالمي، وهذا ما تجلّى في اهتمامه الخاص بـ"حرب الاستقلال الجزائرية"، كتابةً أيضاً، وليس تشكيلاً فحسب.

الصورة
تقنيات وثورة - القسم الثقافي
"تقنيات وثورة" (1968/ من المعرض)

من الأعمال التي يضمّها المعرض أيضاً سلسلة "البساط الطائر"، وهي تنتمي إلى المرحلة الأميركية في حياته (1963 - 1967)، قبل أن نعود إلى المرحلة اللبنانية، حيث الاشتباك مع الواقع السياسي العربي أكثر جلاءً وحساسية في أعمال مثل: "سلسلة الدم والحرية" (1967) المرتبطة بنكسة عام 1967، و"زمن حديث وعالم ثالث" (1974)، و"الهالة" (1978)، التي عبّر فيها، من خلال خياراته اللونية الحادّة والقوية، عن مواقفه السياسية الاشتراكية في زمن الحرب الباردة.

ومن خلال أعمال هذين العقدَين، التي يتيحُها المعرض المقام في المدينة الإسبانية، يُمكن وضع اليد على الفضاء الفكري العامّ الذي كان يتحرّك وفقه الريّس، إذ يُمكن وصفه بأنه أبعد بكثير من الرؤى المحلّية، والتي كان بعضُ مُجايليه مهمُومين بها، بل إنّه ظلّ يُحاول سَحْب الأحداث والشخصيات العالمية التي عاصرها، وتأثّر بها، إلى لوحته، فجاءت مُعالجاتُه عمومية الطابع.

الصورة
من معرض عارف الريس - القسم الثقافي
(من المعرض)

لا بدّ من الإشارة، أيضاً، إلى أنّ نواة التجريد التي بدأت في أعمال التشكيلي اللبناني منذ الستينيات، ستتطوّر وتأخذ مداها الأوسع في العقود التالية. صحيح أنّ المعرض لم يُركّز على مراحل الريّس الأخيرة، إلّا أنه يُوطّئ، بصورةٍ ما، صوب مرحلة أواخر العقد العشرين ومطلع الألفية، والتي عاد فيها التشكيلي للنظر من جديد في الطبيعة وعناصرها.

  

المساهمون