طريق غزّة

16 فبراير 2024
من مسيرة مؤيّدة للفلسطينيّين في واشنطن، 15 شباط/ فبراير (Getty)
+ الخط -

نعم: نحلم بإنسانية جديدة تقريباً لا يكون قطبها الرجل الأبيض. هذا جرّبناه نصف ألفيّة كاملة، ومن يُجرّب المجرَّب عقله مخرَّب. لا بد للبشرية من طريق جديدة بعيداً عن ضفّتَي الأطلسي. فإن لم يرُق هذا لتلكما الضفّتين، فيجب أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا وصدِّ الاستبداد القادم من هناك. الغرب قويّ و"مفتري"، لأنّ سواه ضعيف فاقد للإرادة وغير مستعدّ للتضحية.

يجب أن يكون التخلّف الاستبدادي لهذه الكتلة من الجغرافيا، من ماضي العالم. ولن يكون هذا سوى بالدم. يكفي ما عانت البشرية، منذ انتصار اليانكي في الحرب الأهلية الكبرى داخل أوروبا. لقد جرت، منذ ذلك الوقت، أكبر عملية غسل أدمغة في التاريخ. سرّبوا إلى وعينا ولاوعينا أنّهم أُسّ الحضارة، ورمز التقدّم والديمقراطية.

كلُّ ما أفهمونا إياه كان عكس الواقع وما يجري على الأرض. ونحن دخلنا في الغيبوبة منذ نهاية تلك الحرب وإلى اليوم، حتى دار الزمان دورته، وجاء الطوفان ليمسح في طريقه كلّ الأوهام.

نعرف أنّ الغرب ذو جبروت هائل، وأنّه قادر على فرمنا جميعاً، فالتوحّش مكوّن جينيّ في تكوينه الأصلي. لكنّا نعرف أنّه لن يقبلنا سوى عبيد، ولهذا يجب أن نقاوِم، وأن نكون شهداء هذه الطريق الأنبل، لا من أجلنا، بل من أجل أجيال جديدة، نؤسّس لها بدمنا، كي تعيش سيّدة وحرّة وموفورة الكرامة.

هُم هزمونا وأثخنونا؟
نعم، ولكن ليس بعد الآن.
غزّة أوّل الطريق.
وما من طريق سوى هذا.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون