"طُرق الحرير": كيف سافر الأشخاص والأفكار والأشياء؟

16 سبتمبر 2024
نقش لأميرة صينية تُهرِّب دودة القزّ يعود إلى القرن السابع الميلادي
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعود معرض "طرق الحرير" في المتحف البريطاني بلندن إلى القرن السادس الميلادي، ويستمر حتى فبراير المقبل، مستعرضاً شبكة التجارة القديمة التي امتدت من أيرلندا إلى الصين.
- يبرز المعرض كيف ربطت هذه الشبكات المجتمعات عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا، مع تركيز على الفترة بين القرنين السادس والعاشر الميلاديين، قبل رحلة ماركو بولو الشهيرة.
- تتنوع المعروضات بين تماثيل بوذا، وفخار، وأزياء، وتحف فنية، وعملات نقدية، مستكشفة التبادلات الثقافية والتجارية الواسعة التي شكلت تاريخ العالم القديم.

يعود معرض "طُرق الحرير" الذي يُفتتح الخميس، السادس والعشرون من الشهر الجاري، في "المتحف البريطاني" بلندن، ويتواصل حتى الثالث والعشرين من شباط/ فبراير المقبل، إلى القرن السادس الميلادي حين امتدّت شبكة التجارة القديمة شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً، من أيرلندا إلى الصين.

يستند المنظّمون إلى مجموعة حقائق تبرزها العديد من الكتب الصادرة حديثاً، تخالف السائد حول هذه الشبكة الواسعة من الطُّرق، وأنها لم تكن يوماً طريقاً واحداً فقط، وليست طُرقاً برّية بل كانت أجزاء منها عبر بحار وأنهار، ولم يُطلق عليها اسمُ "الحرير" إلّا متأخراً في القرن التاسع عشر من قبل الجغرافي الألماني فرديناند فون ريشتهوفن، وقصَد به الطريق الذي يصل الصين بإيران تحديداً.

لم يطلق عليها اسم "الحرير" إلّا متأخّراً في القرن التاسع عشر

يضيء المعرض شبكات متداخلة ربطت المجتمعات عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومن شرق آسيا إلى بريطانيا، ومن الدول الإسكندنافية إلى مدغشقر، وكيف شكّلت رحلات الأشخاص والأشياء والأفكار الثقافات والتاريخ عبر جغرافيا واسعة تمثّل معظم سكّان العالَم القديم آنذاك، مع تركيز على المرحلة الزمنية ما بين القرنين السادس والعاشر، التي تسبق رحلة ماركو بولو (1254 - 1324) إلى آسيا الأشهر في تاريخ الطريق.

تمثال بوذا صنع في باكستان في القرن الـ6 وعُثر عليه في السويد في القرن الـ9
تمثال بوذا صُنع في باكستان في القرن السادس وعُثر عليه في السويد في القرن التاسع للميلاد

أُولى القِطع المعروضة هي تمثال صغير لبوذا تمّ صُنعه في شمال غرب باكستان في عام 600 بعد الميلاد تقريباً، ولكن عُثر عليه على بعد آلاف الكيلومترات في جزيرة هيلغو الصغيرة في شرق السويد حيث وصل هناك في بدايات القرن التاسع الميلادي.

وتتنوّع المعروضات في فترة شهدت صعود ممالك وإمبراطوريات مثل ذلك أسرة تانغ (618 - 907 م) في الصين، والخلافة الإسلامية، والإمبراطورية البيزنطية، والإمبراطورية الكارولنجية في فرنسا (87 - 800 م)، وكذلك انتشار البوذية والمسيحية والإسلام، وحدوث هجرات واسعة النطاق وتطوّر التبادلات التجارية بشكل لم يعرفه التاريخ من قبل. 

حصان خشبي اكتشف بمدينة أستانا الكازاخستانية يعود للقرن الـ8
حصان خشبي اكتشف بمدينة أستانا الكازاخستانية يعود للقرن الثامن

ويعرض رسم يدلّ على العلاقات الدبلوماسية التي شملت بلداناً كثيرة، ويُظهر مبعوثان يرتديان غطاء رأس ما يعني أنهما مسؤولان حكوميان في شمال غرب الصين، ومسافران على حصان وجمل إلى الممالك المجاورة، بالإضافة إلى تحف فنية من أوزبكستان التي تحوّلت إلى مركز تجاري مُهمّ في تلك الفترة حيث كانت تمرّ منها القوافل القادمة والآتية من الأوراس والهند، وعملات نقدية مختلفة بعضها تم تبادلها بتجارة العبيد بين آسيا والبلدان الاسكندنافية.

خريطة العالم القديم للإدريسي
خريطة العالم القديم للإدريسي

يستكشف المعرض تبادلات لا حصر على امتداد طرق الحرير مثل الكتب وأدوات الطبخ والأسلحة والمجوهرات والأحجار الكريمة وعاج الفيل والفراء والرخام، وكذلك تقنيات العمارة. فعلى سبيل المثال، تُعرض نماذج من السفن المصنوعة في إيران، وفخار وأزياء نسجت في الإمبراطورية آسيا الوسطى، وأختام إسلامية وخريطة العالم القديم للإدريسي، والحرير الصيني، وتابوت بريطاني، وأواني زجاجية من إيطاليا، ورخام من أرتيريا، وفضة من أستونيا، ويبدو لافتاً أن معظم الأعمال المعروضة قد صُنعت في بلد وتمّ العثور عليها في بلد آخر يبعد آلاف الكيلومترات.
 

المساهمون