بدأ ظهور الحيوانات في السينما العالمية في وقت مبكر جداً، سواء في أفلام التاريخ الطبيعي أو أفلام المغامرة والعنف وغيرها، بوصفها جزءاً من حياة العائلة في الغرب، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل أساسي على شخصيات حيوانية بطلةً للأفلام والمسلسلات الكرتونية.
تعدّدت أيضاً النظرة إلى هذا الحضور أو التمثيل، حيث رأى البعض أنه أسهم في نشر ثقافة الرفق بالحيوان، لكن أسئلة عديدة ظلّت تُطرح حول أنواع الأدوار التي تلعبها الحيوانات بسبب افتقارها إلى القوة والمهارات التي تمتلكها، وعن طبيعة العلاقة بين الإنسان والحيوان وأن الأوّل يوظّف الثاني دون أن يكون هناك ترابط أو تفاعل متساوٍ بينهما.
"كيف يعود حيوانٌ إلى غابة أنت فقط من يتخيلها!" عنوان الفعالية التي تنظّمها "وكالة بهنا" في مدينة الإسكندرية عند السادسة من مساء بعد غدٍ السبت، حيث تُعرض خمسة أفلام قصيرة وتعقب ذلك مناقشةُ مضامينها مع الكاتب هيثم الورداني.
اختار المنظّمون مجموعة من الأشرطة التي يعود إنتاجها إلى العقد الأخير، وهي لجيل جديد من المخرجين المصريين الشباب ضمن نتاجات ما يُعرف بالسينما المستقلّة، بعيداً عمّا اعتادت السينما السائدة تقديمه من صور نمطية.
ويوضّح بيان الوكالة أن "السينما تعاملت منذ لحظات مبكرة مع حالات وصور مختلفة من ظهور الحيوانات، بداية من ذلك الكلب المتسلل إلى مشهد خروج العمال من المصنع، وصور الفتاة الصغيرة التي تداعب قطتها في حديقة منزل لوميير، تلك اللحظات التي ربما واكبت تحوّلاً آخر في المجتمع ما بعد الصناعي آنذاك، تمثَّل في استبعاد الحيوانات من المجال الحضري للإنسان لحد كبير، لتفقد خلاله أهميتها المركزية، ويتم عزلها ثقافياً إلى مجالَي العائلة والمشهد".
ويقتبس ما اقترحه الناقد البريطاني جون بيرجر في وقت سابق، بقوله: "تحوّل الحيوان إلى مادة للملاحظة الدائمة، وفُقدت حقيقة قدرته على ملاحظتنا في المقابل كل أهميتها. إنها فقط موضوع لمعرفتنا المستمرة في التوسع، وكلما عرفنا عنه أكثر ابتعد".
تعكس الأفلام المعروضة أشكالاً مختلفة من الصور ومحاولات التمثيل للحيوانات، أو صوراً تحاكي وجود الحيوانات؛ سواء ككائنات حقيقية، أو كمجازات، كرموز وخيالات للتحايل أو كخرافات، في محاولة للانخراط مع هذه الأفلام، والتعاطي مع أشكال العلاقات التي يمكن أن تعكسها، والتفكير بشكل أكبر في قابلية هذه الصور لتمثيل كائنات لا تتمتع بالحق في التعبير بالأصالة ولا بالنيابة عنها.
يتضمّن البرنامج عرض أفلام "غراب البين" (2020) لأحمد دحروج، و"أحد سكان هذه المدينة" (2011) لأدهم شريف، و"الرجل الفرخة" (2015) لماجد عطا، و"عزيزي الحيوان" (2017) لمها مأمون، و"المدينة والوحش" (2012) لهاني سامي.