عطلة إلى الأبد
أرمي من يدي
كما أرمي من قلبي
وعينيّ
الصور التي بقيت من قصائد
تركها لي
شعراء آخرون
النقود التي تسوّلها لي
أصدقاء من الطفولة
المواعيد التي لكلّ منها
اسم بارحة ما
الأدغال التي انتظرت فيها
أشخاصاً صاروا كلّهم
من أمس
أياماً بدون توقيع
أمامي الآن
كعطلة في الأبد
آحاد تأتي من المستقبل
إنه الماضي الكبير
من زمن غير محسوب
يسدّ الأفق
عيدٌ واحد
مشنوق على مدى أعوام
يقفز من أعيننا
إلى ما بعد الحياة
يومٌ واحد
يصل من الأدغال
ويبدأ بالتثاؤب
تحت نظر الجميع
أرمي من يدي ومن قلبي
بطاقات بدون تاريخ
جبساً انطبع فيه وجهي
شبيهاً بكل الوجوه
سلسلة ينفرط فيها
عمر كامل
أحداً مشنوقاً
في كل الأيام.
■ ■ ■
شيءٌ لأول السنة
نقول للبائع
أعطنا شيئاً لنهار الأربعاء
أعطنا شيئاً لأول السنة
لا بد أن نهدي أنفسنا
يوماً واحداً
لقد تركنا جرحاً في المرآة
وكان ذلك عيداً صغيراً لنا
خرجت تلك التظاهرة من عيوننا
ثمة رسم على الجدار
ولعبة مرمية
بلا رأس
وكان يمكن أن نرى أيضاً
مناديل وسجائر بكماء
تحت النوافذ
أمكن مع ذلك أن تخرج من الشرخ
صرخة صغيرة
كان هذا كل ما بقي من الشارع
بعد أن مرت سوكلين
يحتاج ذلك إلى رأس متروك
من بارحة ما
يحتاج إلى جرح في المرآة
إلى رزمة سجائر
تختفي خلف التظاهرة
إلى يوم آخر
يبقى في الثقب نفسه
كعيد صغير
كذكرى أمكن ترميمها
مع مرور الزمن
نقول للبائع
أعطنا فقط هذه اليافطة
أعطنا رأساً لها.
■ ■ ■
ثلاث حبّات
أقسم على صحف اليوم
وعلى الأدوية
الباقية لي كورود من ماضيّ
أعرف أن تحت هذه الحبّة الصغيرة
ليلاً سيُداهم دمي
أعرف أن هذه الحبّة
قد تكون
هي التي قتلت أختي
ثلاث حبات
أقسم عليها وهي تحت لساني
أصلي لتحرسني
في ذلك العمق الذي سقطت إليه
كاسمٍ آخر لي
سيكون الصباح خمولاً وبارداً
حين يتسلّل ذلك اللصّ
الذي ليس سوى حبّة أخرى
تقع في السكون
قبل أن تقطع الوقت نصفين
في ساعة افتراضية
وفي وسط النهار أيضاً
لا بأس أن أعدّ ثانيةً عند المساء
ستّ حبات
إحداها ملاك للنوم
يختفي عنّي
ولا أعود أراه
وأنا أتقلب في فراشي
بينما يستمرّ الليل كدواء ثقيل
تهجم من كل مكان
حبّات تركها لي الوقت
الذي وقف مرّات في حلقي
ليست تلك التي طردتها من فمي
ولا تحمل كنيتي
لكنها ترقد إلى جانبي
كأنها عائلتي
سأعطيها لقبي
وأتركها في الصباح
تعود الى حيث وجدتني
سيكون الزمان أجرد قبل أن يلفظني
وألتقي باسمي
كدمية صغيرة
كحبّة دواء.
■ ■ ■
صمت وغيم ولوحات
هذا الغيم ينقل الحزن إلى صدري
لا أعرف إذا كان غيمٌ
في لوحة أسامة بعلبكي
ابتلع النهار كلّه
لا أعرفُ إذا كان يتحدث
وهو ينتقل إلى الأعلى
وهل سمعه قلبي
سيكون ذلك بالتأكيد أكثر من شكوى
في وسع كلمة
أن تترك لدغة
إذا سقط دم منها
هذا الهواء لم يسكن من حاله
لقد همد من شيء ما
لا بد أنه أعماه
هو الآن مطموس تماماً
ولا يجرؤ على أن يتنفّس
لا نعرف بعد ماذا انبثّ في الصمت
الذي لا يزال يكلّم نفسه
تحت نظام حديديّ
مربعٌ ينفجر مراراً
بلا صوت
غضب يترمد
ثمة نهاية لحزن
نهايات أخرى
لأحوال حدثت وماتت
دفعة واحدة
نهارٌ جمُد فوراً
عصفور تسطّح في لوحة سمعان خوّام
وسقط فوق رأس
حمل عيني عصفور مسطّح
إنه أيضاً جناح يصطفق في الجو
جناح ترك فضاءه
في وجه
لم يستطع أن يصبح جناحاً
مع أنه يوشك أن يطير
ويصطفق في الصمت
الذي يموج
بخيانات هامدة
ويتآمر على نفسه
طاحناً مئة مرّة السكون نفسه
الغبار نفسه
باقياً كسقف نائم
كوباء يتلصّص
وكلمة استحالت لسعة
قبل أن تختفي
ماذا يمكن أن يكون في النهاية
سوى الصمت نفسه
في العصفور والرأس تحته
في النهار المسطّح
كسقف نائم.
■ ■ ■
ناجون
ناجون
يعودون من الحياة مساءً
كلّ مساء
ناجون
يوماً بيوم
لم يحدث شيء
ما لم يحدث كان هناك
ما لم ينفجر لا يزال
ولا يحتاج إلى وقت ليفعل
هذا المساء ليس بين يومين
ولا بين سريرين
إنه كتابة من هواء
يمكن لأشخاص أن يمرّوا عبره
كتواريخ فحسب
يمكن لهم أن يكونوا هناك
كساعات فقط
لكن أحداً لن يبقى حتى العشاء
إذا لم يجمع ما يكفي ليتأهل للفراش
إذا لم يصل مكفيّاً إلى السهرة
بعد أن يشتري الوقت
بانتظارات طويلة
بتخلّيات أطول
يموت فيها حبٌّ
وتحيا عهود
ويكتفي أبطال من مأساتهم.
ناجون
يعودون من الحياة مساءً
أين تضعُ قلباً
وأين تخسرُ إرادة
أين تكونُ جسداً من هواء
أين تكون بصمة
وتاريخاً
الحب هبتك
قكيف تخلصه من الذكريات
كيف تصنع منها جسداً
أو نهاراً
لا يلبثُ أن يسقط في السرير
إنه يوم على الباب
وستخرج منه حياً
لقد تركوه كصدقة
يوم حبّ احترق
وأخطاء مرقومة في صناديق
مع عدّاد للثواني
والنوايا الخاسرة
ناجون
سيكون لنا غروب آخر
غلبنا الحياة
التي بقيت تنتظر في الغد
ما لم يحدث
من فرط وجوده
كان أيضاً في السرير.
■ ■ ■
سرقة
يحتسبون الأصوات على الشاشة
في الشوارع يعتبرونها سرقة
من وراء التظاهرة لوحة لـ كاندينسكي
بعدها لوحة لـ مونيه
أيّة سرقة تحت اللون الليلكي
وكيف يمكن للمثلثات والزوايا
أن تخفي تظاهرة
هل يمكن لها أن تجرح
أن يكون لها جسدُ شارع
أو أن تصير فقط سوق سلاح
كاندينسكي وبعدَه مونيه
لوحةً بعد لوحة
على مدار الساعة
في الفيسبوك
بعضها يأتي من المستقبل
ربما العنف يصل من هناك
حين الفضاء يتوحّل أمامنا
على الشاشات
الآن وفي ما بعد
تبصق المثلثات حروباً وطلقات كثيرة
سبق أن ابتلعتها.
ما زالوا يحتسبون أصواتاً في بنسلفانيا
لكن اللوحات المسروقة
التي تعبت لتنتقل إلى هناك
تدلق زواياها وسماواتها البنية
في تلك السرقة
التي انقلبت شارعاً
مع أنّ شيئاً كالأغنية
يهمسُ في الخفاء
وبدون أن ينطق كلمة واحدة
يستمرُّ كلون ليلكيّ
وربما كحربة
يصيب بآخر أنفاسه
ببصقته الختامية
بكاندينسكي حياً وميتاً
بمونيه حياً وميتاً
الابن الوحيد الباقي
من الفيسبوك
من التظاهرة
يصيب بسرقة واحدة
وبشيء كالفيروس
ما لا نعرف له هيئة
في قاع المستقبل.
■ ■ ■
طرق قصيرة
أمامي طريق قصير
وعليّ أن أقع هناك
أن أضع كلّ سنيني
في هذه الخطوة
أن أبذل عمراً كاملاً
لذكرى واحدة
أنفق جهداً
لأصل قبل العاشرة
في اليوم الذي لن يكون لي
ولن أستيقظ فيه
في الخلف طريقٌ قصيرٌ أيضاً
حيث يتناقصُ كلّ شيء
مع الوقت
يسبقُني أشخاص كثر
خرجوا من دفاتري
التي حبستهم فيها
قبل أن أنساهم هناك
لقد أرسلتهم حياتي
من ساعات تحمل أسماء
أيام مدفونة في تواريخ
من مواعيد لم تعد سوى حفر
وآثار أقدام
في الخلف
شهور تختفي
وأسماء تولّي
مع فرقعة
شهور تنتقل إلى الأمام
حيث تبقى كذكرى
كدقائق من عيدان
ذكريات طويلة
لطريق قصير
حيث الأحجار وحدها تتكلّم
والساعات تحمل أسماء
نساء يرمين شعورهن على السنوات
والوجوه لا تزال تتألم
وجه يبقى كعام في الوسط
كحجر بين عامين
حيث تبذل سنيناً لخطوة
عمراً كاملاً لذكرى واحدة.
■ ■ ■
خطوة
من ترك هذه البقعة؟
لن تكون من أثر يديك
لن تكون بصمة
طبعتها بفمك
إنها تختفي لتظهر ثانية
لكن من يعرف أنكِ مررتِ
إنها قد تكون خطوة بلا صوت
قد تكون جملة توقفت
على الجدار الذي لم يفهمها
مع أنّ معانيها من حجارته
لقد تركها نابية فوقه
ظلّ يصارعها
مع أنّ لا شيء يدلُّ على ذلك
لا أحد يعرف كيف يطرد الجدار
أصواتاً لم يستطع ابتلاعها
وما زالت تزعجه في وقفته
لا يعرف أحد كيف ينزع
من تحت الأصابع
تلك الذكرى التي طبعتها
أو أنّها لم تكن سوى قفاز
يتكلّم من الجوف
إنها فقط خطوة إلى الرّحيل
وقفة على الباب
إذا لم تعودي سوى تلك الخطوة
التي خرجت من حياتي
من الذي تكلّم من صدري؟
من ترك تلك الصورة
لغيابي؟