"شعرية المكان": مُساءلة لروايات إدوارد الخراط

29 نوفمبر 2022
إدوارد الخرّاط (العربي الجديد)
+ الخط -

في القسم الذي يخصّصه لدراسة المكان والزمان في كتابه "نقض العقل المحض"، يعرّف الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط المكان بوصفه الشرط الذي يُحدّد تمثُّلنا لكلّ ما يقع خارج أنفسنا من أشياء وأمور وكائنات. أي أن المكان، بعبارة أُخرى، فضاءُ وشرطُ الأحاسيس الخارجية (بعكس الزمان، المرتبط بحدس النفس لنفسها، أي بالإحساس الداخلي).

وإذا كان الزمان والمكان شرطان تأسيسيان في حياتنا اليومية بأبسط أشكالهما، فإن أهميّتهما لا تقلّ في الأعمال التخييلية الأدبية، رغم الفرق الكبير بين حضور المكان في الواقع وحضوره في الأدب: فهو "مُعطى" وموجود أساساً في الواقع، بينما لا بدّ من تشكيله وابتكاره في الرواية، وهو ما يشرح تعدُّد الأماكن الروائية بتعدّد الرؤى.

عن منشورات "التكوين" السورية، صدرت حديثاً نسخة جديدة من كتاب "شعرية المكان في الرواية الجديدة" للناقد السوري خالد حسين. عملٌ صدر للمرّة الأولى عام 2000 (سلسلة "كِتاب الرياض")، وتأتي إعادة طباعته ضمن اشتغال الدار، في الآونة الأخيرة، على استعادة منشورات نقدية، سورية وعربية، مضت على صدورها سنوات.

الصورة
شعرية المكان

يفتتح المؤلّف مقدّمة كتابه بالبرهنة على أهمّية المكان في فضاء الرواية والكتابة الأدبية عموماً، حيث هو الذي "يضمن التماسك البنيوي للنص"، باعتباره أساساً تُنسَج عليه العلاقات بين باقي عناصر الحكاية من زمن وشخصيات، حيث "لا يمكن إدراك الزمن إلّا من خلال المكان وحركته، وفقاً للارتباط الجدليّ بينهما، فكلّ منهما يفترض الآخر، ويتحدّد به".

ويُشير حسين إلى أن المكان غدا بطلاً من أبطال الرواية العربية الجديدة، باعتباره قوّة "تحدّد طبيعة واتجاه النصّ الروائي"، و"مفتاحاً من مفاتيح استراتيجية القراءة بالنسبة للخطاب النقدي" الذي يسعى إلى مقاربة هذه الرواية، التي تمثّلت في كتابات تلتِ الكتابات الروائية التأسيسية عربياً، والتي اشتغلت على التجريب واستنطاق إمكانية جديدة للحيّز المكاني في النصّ السردي.

ويتّخذ خالد حسين من روايات الكاتب المصري إدوارد الخرّاط (1926 ــ 2015) نموذجاً دراسياً "لِما تتمتّع به من موقع أثير في خريطة الأدب العربي المعاصر، وترسيخها لخطاب الرواية الجديدة"، إضافة إلى ما "تشكّله هذه النصوص من مغامرة كتابية جريئة في إعادة صياغة الذات والواقع، تبعاً لحساسية جديدة في الرؤية الروائية". 

المساهمون