سيّد هويدي.. الماء مَشغَلٌ تشكيلي

28 ابريل 2023
(مقطع من إحدى لوحات المعرض)
+ الخط -

شغلَ الماءُ التشكيليّين؛ وذلك لكونه عنصراً ينطوي على الكثير من الجماليات، فتارة يتبدّى مادّة ذات طواعية خاصة، وأُخرى ينفردُ بأدوات إنتاج اللوحة وينبثُّ فيها. أمّا الذاكرة، فظّلت المُعادل الموضوعي لمفهوم الشفافية، وبالتالي هي تحتوي على بعض ما في هذا العنصر الطبيعي (الماء) من خصائص.

"ذاكرة الماء" عُنوان المعرض التشكيليّ الذي يُوقّع لوحاته الفنان المصري سيّد هويدي (1957)، ويُفتتح يوم الثلاثاء المُقبل، في "متحف الفن المصري الحديث" الواقع داخل حرم "دار الأوبرا" في القاهرة، ويتواصل حتّى الثالث عشر من أيار/ مايو المُقبل.

يبني هويدي فكرة معرضه على ما قدّمه سابقاً من معارض، وبالأخصّ "التعويذة 110" (2019) و"بكسلة" (2016)، حيث جاءت مقاربته التشكيلية فيهما مختلفة أسلوبياً عمّا اشتغل عليه في العَقد الأخير من القرن العشرين ومطلع الألفية. وبهذا يُصبح المعرض الجديد الثالث له بعد أن كسر انقطاعه عن تقديم المعارض الفردية، والذي دام قرابة ستّة عشرة عاماً.

تنفتح أعمالُ هويدي الأخيرة على المَشاهِد الاجتماعية، التي تنكشف فيها المدينة بحيويتها الأهلية، وناسها الذين تعجّ بهم. فأحياناً تبدو نافرة بمعالمها، كما في لوحات صوّر فيها القدس والقاهرة، وأحياناً يكتفي منها بتمليحاتٍ عمرانية تمتزجُ فيها العمارات والأبنية مع الأجساد، وتتوحّد جميعها في إطار مُنمنَم.  

الصورة
من معرض سيد هويدي - القسم الثقافي
(من المعرض)

هذا ويأتي الاهتمام بالماء وفكرته في لوحات هويدي من انشغاله بالحيّز الجغرافي الذي تشغله مصر، حيث يُحيط بها بَحران ممتدّان من جهتين، إلى جانب نهر النيل الذي يخترقها ويُشكّل تفاصيلها الداخلية الزرقاء، وهذا أكثر ما أوحى إلى الفنان باجتراح تجربته الجديدة، كما كتبَ في تقديمه للمعرض.

وإذا كان النهر هو العامل التاريخي الذي صنع جزءاً كبيراً من تاريخ البلد، فعلى الجهة المقابلة، تبرزُ قناة السويس - يُنبّه أيضاً - كمصدرٍ مائيّ جديد، وحيث يلتقي أو يصبّ القديم والجديد معاً تتشكّل "ذاكرة الماء".

المساهمون