في فيلمه الوثائقي "العمل الإنساني في قلب الثورة التحريرية"، الذي عُرض الإثنين الماضي في "قاعة ابن زيدون" بالجزائر العاصمة، تناول المخرج الجزائري سعيد عولمي، العمل الإنساني الذي قامت به منظّمة "الصليب الأحمر" في الجزائر خلال الثورة الجزائرية (1954 - 1962)، مُضيئاً على العلاقة بينها وبين "الهلال الأحمر الجزائري" الذي تأسّس إبان الثورة (عام 1956).
استغرق إنجاز العمل، الذي أنتجته "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، ثلاث سنوات، لينضاف إلى مجموعةٍ من الأفلام الوثائقية التي أنجزها عولمي حول مواضيع مختلفة متعلّقة بالثورة؛ من بينها "كاليدونيا الجديدة" الذي تتبّع فيه أثر أحفاد الجزائريّين الذين قام الاحتلال الفرنسي بنفيهم إلى الجزيرة الواقعة جنوب غرب المحيط الهادئ بين عامَي 1864 و1921، و"العودة" الذي وثّق فيه لزيارة عددٍ منهم إلى أرض أجدادهم، و"على آثار المحتشدات" الذي تناول فيه مأساة الجزائريين الذين هُجّروا، خلال الفترة الاستعمارية، من قراهُم، ووُضعوا في المحتشدات تحت المراقبة العسكرية.
يوثّق الشريط لمختلف الأعمال التي قام بها "الصليب الأحمر الدولي" خلال عشر بعثات إبان الثورة التحريرية، وزار فيها قرابة 586 مركز احتجاز، وأيضاً لدوره في تحرير عددٍ من سجناء الحرب الجزائريّين، وفي انضمام الحكومة المؤقَّتة للجمهورية الجزائرية إلى معاهدات جنيف لحقوق الإنسان.
اعتمد الفيلم على أرشيف "الصليب الأحمر" في جنيف؛ من صوَر ووثائق وتقارير أعدّها مندوبوها خلال زياراتهم المختلفة، إضافةً إلى الرسائل التي وُجّهت إلى هذه الهيئة، ووثائق شخصية وشهادات لعدد من الفاعلين الذين عاشوا تلك الحقبة.
من بين هؤلاء المناضلان في الثورة التحريرية رضا مالك ومحمد بجاوي، والعضو السابق في "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" بالجزائر، بيار غايار، الذي رحل بعد شهرين من تصوير الفيلم، والذي تحدّث عن عمله في مراكز الاحتجاز؛ سواء في الجزائر أو في فرنسا أو في مخيّمات اللاجئين بتونس والمغرب، إضافةً إلى سجناء جزائريّين سابقين تحدّثوا عن الدور الذي قامت به الهيئة الدولية في تحسين ظروف احتجازهم؛ ومن هؤلاء عيسى زدام الذي كان معتقَلاً في "سجن قصر الطير" بولاية سطيف، ومسعود شليق الذي كان معتقَلاً في "سجين لامبيز" بولاية باتنة.