سآتيك، فلا تقصّ أجنحتي!

10 يوليو 2022
جزء من عمل بعنوان "أصداء الرومي" لـ إليزابث بولزا/ النمسا
+ الخط -

أعطَوه يداً، قال لهم: لا تذكّروني بها، وهي التي تقبضُ وتبسط.
أعطَوه قدماً، قال لهم: لا تذكّروني بها، وهي التي تَطوي السَّموات والأرضين.
أعطَوه وجهاً، قال لهم: ما مرّت ريحٌ على وجهي إلّا هطل المطر، وما رآني أحدٌ، إلّا احترَق ونبتَ له ألفُ ألفِ جناح وصار كلامُه مسكاً وعنبراً.
وحين اقتربوا من عتبةِ بابِه، قال لهم: حسبكم مكانَكم، وقصَّ أجنحة أفكارهم ونثرها في الكون بدداً، بدداً!

أنتَ يا من وضع على خدِّه كرسي الحروف، وربطها بأحزمة الخوف، لماذا لمَّا تكسّر خيطُ شمس، سالت نقطةٌ، وفاضت أودية وارتجّتْ في آخر الأرض مدنٌ وبلدات.

مرآتي لا ترى غيري، وهي مغمضةٌ، كيف وهي مشرّعة على الساحات والشوارع؟

الكائنات ألفاظ، لا تخرج من باب إلّا لتدخلَ آخر. يصفونها بالجنون لأنّها جنحت عن الطريق وبالجهالة لأنّها وقفت.

الدنيا وما فيها، حبّة خردل في فمّ طائر!

هو في كلّ ذرّة والذرّات أحلام. يسمع ما تفرّق في البراري والغابات، يرى ما ابتعد من الكائنات وضلّ الطريق. يسبقهم وليس معهم، يتقدّمهم وهم وحدهم في الدروب والمسالك.


* شاعر ومترجم من ليبيا

المساهمون